العدد42

Page 1

‫سياسة‬

‫‪4‬‬ ‫رأي‬

‫‪11‬‬

‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫المعارضة السورية تتجه إلى طلب انهاء التفويض العربي البراهيمي‬ ‫استراتيجية أميركية جديدة في المنطقة‬

‫تصدر عن مؤسسة النهرين للثقافة واالعالم‬

‫الثالثاء‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العددالثاني و األربعون‪ /‬السنة األولى‬

‫"آكلو القطط لن يحضروا جنيف"‬ ‫هبزاد حاج محو‬

‫هجرة السوريين غير الشرعية‬

‫بعضهم استقر في بيوت السويد الدافئة وبعضهم في اعماق المتوسط المظلمة الباردة‬ ‫سوق السنة حقيقة وليست خيال‬

‫‪5‬‬

‫ملاذا احنسر تأثري اإلعالم‬ ‫الثوري السوري؟!!‬

‫‪www.facebook.com/jesrpress‬‬

‫‪6‬‬

‫تل تمر‪..‬بعد عام على انسحاب‬ ‫النظام منها‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫‪11‬‬

‫صرح ناشط من أبناء ريف دمشق اجلنويب أن عشرات األشخاص‬ ‫َّ‬ ‫ميوتون يوميّاً يف سعيهم لتأمني لقمة لألكل‪ ,‬بتسللهم إىل املزارع‬ ‫اجملاورة واحلصول على بضع حبّاب من التني مثالً فرتصدهم‬ ‫رصاصة قنَّاص متخم يستشعر اجلوعى مبنظاره‪..‬‬ ‫مجاعي يقوم به النظام‬ ‫وحتدَّثت صحف عاملية عن عقاب‬ ‫ٍّ‬ ‫السوري للريف الدمشقي الثائر عليه ‪-‬بعد أن فقد القدرة على‬ ‫استخدام الكيماوي بوضعه حتت تصرف اجملتمع الدويل‪ -‬وذلك‬ ‫من خالل حصار الناس وجتويعهم حىت املوت‪ .‬فعمد إىل بناء‬ ‫أسوار ترابية حول تلك املناطق ملنع وصول املواد إليها وتقوم‬ ‫باملقابل حواجزه املنتشرة بالقرب من مداخلها باعتقال كل من‬ ‫حت تُرك أهل الريف لوحدهم يأكلون أوراق‬ ‫حياول الدخول‪ّ ..‬‬ ‫الشجر‪ ,‬والعشب وحلم الكالب واحلمري والقطط بفتوى شيوخ‬ ‫أجازوا "أكل اللحوم احملرمة بسبب االضطرار" ‪!..‬‬ ‫حترم‪,‬‬ ‫إذاً‪ ,‬لنرتك "داعش" قليالً‪ ,‬تبين دولة‪/‬خالفة‪ ,‬تعتقل‪ِّ ,‬‬ ‫السنة ينتقمون‬ ‫تبيح‪ ..‬لندع األكراد حيلمون ِّ‬ ‫وحيررون‪ ,‬و ّ‬ ‫اندلق‬ ‫ويدافعون‪ ,‬األقليات تنأى بنفسها واحمليط يلتهب كجمرة َ‬ ‫الزيت عليها‪ .‬لنفسح اجملال للسيد (بان كيمون) وأعضاء جوقة‬ ‫الندب الدولية كي يقلقوا ويستفيضوا يف دأهبم‪ ..‬ال لشيء‪,‬‬ ‫فقط لنرى املشهد بوج ٍع خالص َّ‬ ‫ونتأكد أن ما يف قِ ْدر الرجل‬ ‫العجوز‪ ,‬حلم قطة مسلوخة جائعة أكثر منه وأطفاله‪ .‬ولنتساءل‬ ‫بل لنصرخ يف وجه األخضر اإلبراهيمي (السياسي احملنَّك)‪ :‬هل‬ ‫دعوت آكلي القطط إىل مهرجانك الدويل‪ ,‬وهل أنت جائع‬ ‫َ‬ ‫مثلهم يا سيدي ؟‬ ‫ليس كالماً يف اهلواء‪ ,‬بل هي حقيقة مفجعة‪ .‬كيف سيحضر‬ ‫هؤالء املؤمترات واحملافل اليت تقامر جبوعهم ودمائهم؟ هل مثَّة‬ ‫من بني احلضور‪ ,‬كل احلضور‪ ,‬من جاع لدرجة أنه أكل أوراق‬ ‫الشجر وتناول بنهم قطةً جائعة مثله ؟ هل من بني احلضور من‬ ‫قضى ما يقارب املائة يوم دون أن يرى اخلبز‪ ,‬حماصراً مهاناً يفقد‬ ‫من وزنه يومياً ويقرتب من قربه جائعاً ؟‬ ‫اهيمي من احلصول على موافقة‬ ‫لن يتمكن احلل‬ ‫السياسي اإلبر ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصحاب الشأن يف الداخل السوري‪ .‬ألنه وبكل بساطة مل‬ ‫يتمكن ابتداءً من مالمسة الثنائية املرعبة اليت أهلبتهم‪ :‬اجلوع‬ ‫والكرامة‪ ..‬فازدادوا اليوم جوعاً وازدادوا كرامةً‪..‬‬ ‫فهل بإمكان حلولكم السياسية أن تُدخل رغيفاً إىل املعضمية ؟‬ ‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫أخبار سياسية‬

‫االبراهيمي يبدا جولة جديدة بالقول ان االسد‬ ‫يمكنه أن لعب دورًا في المرحلة االنتقالية‬ ‫بدأ املوفد الدويل ‪ -‬العريب اىل سورية األخضر اإلبراهيمي‬ ‫جولة جديدة يف املنطقة ووصل إىل دمشق امس االثنني يف‬ ‫زيارة يعتقد أهنا ستحدد إىل درجة كبرية مصري اجلهود الرامية‬ ‫لعقد مؤمتر السالم السوري "جنيف‪ ."2‬وكان اإلبراهيمي‬ ‫ق ّدم مالمح تصوره لكيفية الوصول إىل تسوية‪ ،‬عشية وصوله‬ ‫إىل دمشق‪ ،‬و قال جمللة فرنسية إن بشار األسد ميكنه أن‬ ‫يلعب دوراً يف املرحلة االنتقالية من دون أن يقودها بنفسه‪.‬‬ ‫ووصل اإلبراهيمي إىل دمشق براً عن طريق بريوت اليت جاء‬ ‫اليها مباشرة من طهران حيث حبث مع كبار مسؤوليها‬ ‫الدور املمكن أن تلعبه ايران يف جهود حل األزمة السورية‪،‬‬ ‫كوهنا الداعم األساسي لنظام األسد من خالل إمداده‬

‫وأوضح‪ ،‬حبسب ما أوردت وكالة «فرانس برس»‪ ،‬أن‬ ‫«الكثري من احمليطني به (األسد) يرون يف ترشحه (لوالية‬ ‫جديدة يف العام ‪ )2014‬أمراً حمتماً‪ .‬هو يرى األمر حقاً‬ ‫مكتسباً‪ ...‬انه يرغب بالتأكيد يف اهناء واليته احلالية»‪،‬‬ ‫وذلك يف مقابلة اجريت معه يف باريس ونشرها املوقع‬ ‫االلكرتوين جمللة «جون افريك» األسبوعية يوم أمس اإلثنني‪.‬‬ ‫وأضاف االبراهيمي‪" :‬علّمنا التاريخ انه بعد أزمة مماثلة (يف‬ ‫اشارة اىل النزاع السوري) ال ميكن العودة إىل الوراء‪ .‬الرئيس‬ ‫األسد ميكنه إذاً أن يساهم بشكل مفيد يف االنتقال بني‬ ‫سورية املاضي‪ ،‬وهي سورية والده (الرئيس الراحل حافظ)‬ ‫وسورياه‪ ،‬وما امسيه اجلمهورية السورية اجلديدة"‬

‫باألموال والسالح واملقاتلني‪ .‬وعلى رغم أن املوفد الدويل واعترب الدبلوماسي اجلزائري أن الرئيس السوري «كان‬ ‫ العريب مل يعلن صراحة إنه تلقى تطمينات جلهة الدور شخصاً منبوذاً» قبل االتفاق حول السالح الكيماوي‬‫الذي ميكن أن تلعبه طهران يف تسهيل احلل‪ ،‬إال أنه اعترب‬ ‫«حتول إىل شريك» بعده‪ ،‬مضيفاً «إال أن‬ ‫السوري‪ ،‬و ّ‬ ‫أن مشاركتها يف «جنيف ‪ »2 -‬تُعترب «ضرورية»‪ ،‬خمالفا‬ ‫بشار مل يسقط ابدا‪ ...‬ومهما يقول الناس‪ ،‬فهو مل تساوره‬ ‫ً ّ‬ ‫بذلك رأي شرحية واسعة من املعارضة السورية اليت رفضت الشكوك على االطالق‪ ،‬ال جلهة ما حيق له‪ ،‬وال لقدرته‬ ‫حضور اإليرانيني مؤمتر السالم‪.‬‬ ‫على حسم األمور لصاحله»‪ .‬وأتى التصريح األخري رداً على‬ ‫ومل يكن واضحاً حىت مساء أمس طبيعة اللقاءات اليت‬ ‫سؤال حول ما اذا كان االتفاق الروسي ‪ -‬االمريكي حول‬ ‫سيجريها اإلبراهيمي يف دمشق‪ ،‬لكن األنظار ستكون مركزة‬ ‫ّ نزع الرتسانة الكيماوية السورية الذي مت التوصل اليه يف‬ ‫على االجتماع الذي قد جيمعه مع الرئيس السوري‪ ،‬اضافة‬ ‫ايلول (سبتمرب) بعد هتديد بضربة عسكرية امريكية‪ ،‬قد ادى‬ ‫اىل حمادثاته مع مسؤولني سوريني آخرين‪.‬‬ ‫اىل تعومي األسد‪.‬‬ ‫وهذه الزيارة هي األوىل اليت يقوم هبا االبراهيمي لدمشق‬ ‫وأبدى االبراهيمي حذره حول مشاركة املعارضة يف مؤمتر‬ ‫منذ قرابة السنة عندما قطع األسد مدة اللقاء معه كتعبري‬ ‫«جنيف ‪ .»2 -‬وقال إن املؤمتر املزمع عقد يف تشرين الثاين‬ ‫عن امتعاضه من «جترؤه» على مفاحتته بإمكان عدم ترشحه‬ ‫للرئاسة جمددا يف انتخابات ‪ .2014‬وكشف األسد الحقا (نوفمرب) "هو بداية مسار‪ .‬نأمل يف ان تتمكن املعارضة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أنه قال لإلبراهيمي إن هذا األمر ال يناقش سوى بني من االتفاق على وفد ذي صدقية وقدرة متثيلية‪ .‬ال جيب ان‬ ‫السوريني أنفسهم‪ ،‬طالباً من املوفد الدويل أن يلتزم حبدود تكون لدينا أوهام‪ :‬لن حيضر اجلميع‪ .‬املرحلة الالحقة هلذا‬ ‫املسار جيب أن تشمل اكرب عدد ممكن"‬ ‫جمرد "وسيط"‪.‬‬ ‫مهمته‪ ،‬وهي أنه ّ‬ ‫وعشية وصوله إىل دمشق‪ ،‬اعترب االبراهيمي أن الرئيس واعترب أن "ما يهدد سورية ليس تقسيم البالد‪ .‬اخلطر‬ ‫األسد ميكن أن يساهم يف املرحلة االنتقالية حنو «سورية احلقيقي الذي يواجه هذا البلد هو نوع من الصوملة‪ ،‬يكون‬ ‫اجلديدة» من دون أن يقودها بنفسه‪.‬‬ ‫اطول واعمق مما رأيناه يف الصومال"‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني و األربعون‬

‫المعارضة السورية تتجه إلى طلب انهاء‬ ‫التفويض العربي لألخضر االبراهيمي‬ ‫قال جورج صربا رئيس اجمللس الوطين السوري‪ ،‬يف تصريح‬ ‫خاص لـ"جسر"‪ ،‬إن اجمللس تقدم باقرتاح إىل االئتالف‬ ‫الوطين السوري‪ ،‬لرفع توصية إىل اجلامعة العربية إلهناء‬ ‫تفويض االخضر االبراهيمي كمبعوث عريب خبصوص‬ ‫القضية السورية‪.‬‬

‫وقال صربا إن هذا القرار يستند إىل عدة معطيات‪ ،‬اوهلا‬ ‫االستياء الشعيب السوري من سلوك وتصرحيات االخضر‬ ‫االبراهيمي‪ ،‬وإىل تعامله غري املتوازن مع أطراف النزاع‪،‬‬ ‫حبيث يبدو منحازا بشكل غري معقول إىل موقف ورؤية‬ ‫اعداء الشعب السوري‪ ،‬وممثال ملصاحلهم‪ ،‬بينما يقيم‬ ‫عالقات سلبية أقرب إىل القطيعة مع القوى والدول الداعمة‬ ‫للشعب السوري‪ ،‬ويربر ويسوغ على سبيل املثال حضور‬ ‫ايران ملفاوضات جنيف ‪ 2‬متجاوزا صالحياته و ضاربا‬ ‫عرض احلائط برغبات الشعب السوري‪ ،‬وثوابت املعارضة‬ ‫السورية الرافضة هلذا احلضور مجلة وتفصيال‪.‬‬ ‫وحول ما إذا كان هذا املطلب سيالقي قبوال يف اجلامعة‬ ‫العربية قال االستاذ صربا إن ذلك متوقع نظرا ملا ابدته دول‬ ‫عربية عديدة من مواقف خبصوص هذا املوفد حيث رفضت‬ ‫كل السعودية واألمارات مؤخرا لقاءه بناء على طلبه يف‬ ‫تعبري عن استيائها من مواقفه وطريقة عمله على امللف‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫وقال صربا اخريا‪ :‬مل ينجح االخضر االبراهيمي وبعد اكثر‬ ‫من سنة على توليه مهمته يف احراز اي تقدم على صعيد‬ ‫قضية شعبنا‪ ،‬ال على الصعيد السياسي وال االنساين‪ ،‬ويبدو‬ ‫غري عايبء بأالم ماليني الشعب السوري او مكرتث هلا‪،‬‬ ‫فهو يف كل زياراته وجوالته مل يكلف نفسه عناء البحث يف‬ ‫اي قضية انسانية ملحة لشعبنا يف الداخل او دول اللجوء‪،‬‬ ‫يف املخيمات وغريها‪ ،‬يف الوقت الذي يفرتض فيه انه ارفع‬ ‫مسؤول عن هذه القضية يف العامل‪ ،‬ويستطيع بفضل تفويضه‬ ‫االممي والعريب ان يساهم بفعالية يف حللحة الكثري من‬ ‫القضايا واالشكاليات ملالين السوريني املنكوبني يف الداخل‬ ‫واخلارج‪.‬‬


‫أخبار اقتصادية‬

‫موازنة جديدة للنظام على مقاس هزائمه على األرض‬ ‫السؤال احلقيقي ماذا يف جيب االسد من مبلغ ‪ 8.1‬مليار‬ ‫دوالر لينفقه على بعض السوريني؟ ال يستطيع أحد االجابة‬ ‫على هذا التساؤل يف ظل التعتيم الكبري يف مسالة االنفاق‬ ‫واملوارد املالية املتبقية يف خزائن النظام ‪ .‬ففي الوقت الذي‬ ‫أقرت فيه حكومة نظام االسد األسبوع الفائت موازنة‬ ‫لعام ‪ 2014‬اليت تبلغ قيمتها ‪ 1.39‬تريليون لرية سورية‬ ‫‪ ،‬يتساءل الكري من السوريني حول ما ذا تبقى يف جيب‬ ‫االسد يف ظل احلرب ‪.‬‬ ‫أحد الباحثني االقتصاديني أكد لوسائل اإلعالم "أن هذه‬ ‫األرقام ال تعرب عن الواقع املايل حلكومة األسد اليت ال معايري‬ ‫لديها الحتساب املوازنة وال يوجد تقديرات صحيحة‪،‬‬ ‫فاملنطقي أن سورية خرجت منها موارد كثرية وكبرية ‪،‬‬ ‫وخرجت أغلب القطاعات االقتصادية من العمل‪ ،‬وأغلب‬ ‫قطاعات االقتصاد معطلة واملوارد املالية شبه معدومة‪.‬‬ ‫فيكف باألصل يستقيم ان يقال هناك موازنة" ؟‬ ‫وأضاف الباحث‪" :‬أن احلساب الدفرتي للموازنة يف األعوام‬ ‫املاضية مل يكن يوازي حجم احلساب واالنفاق اجلاري‬ ‫احلقيقي‪ ،‬وكذلك اإلنفاق على االستثمار‪ .‬فحكومة االسد‬ ‫تنفق اليوم على السالح واحلرب وال تنفق على املواطنني امنا‬ ‫تأخذ موارهم وال تعطيهم‪ ،‬وبالتايل هي موازنة ورقية غري‬ ‫متطابقة مع الواقع االقتصادي واملايل فرقم ‪ 1.3‬تريليون‬ ‫لرية ‪ ،‬مت اقراره من قبل عام ‪ 2013‬وهذا الرقم تضمن كل‬ ‫ما كانت تدفعه احلكومة على الدعم للمشتقات النفطية‬ ‫والطاقة واخلبز يف العام ‪.2012‬‬ ‫فقد خسر النظام الواردات النفطية واملقدرة حبدود ‪13‬‬ ‫مليار دوالر وكذلك خسر موارد السياحة البالغة ‪ 8‬مليار‬ ‫دوالر وخسر موارد اإلنتاج الصناعي ‪،‬وكذلك موارد االنتاج‬ ‫الزراعي‪ ...‬ومع هذا فانه يقر موازنة تبلغ قيمتها ‪1.39‬‬ ‫تريليون لرية يعادل (‪ 8.18‬مليار دوالر) وهو حيتسب سعر‬ ‫صرف الدوالر ‪ 170‬لرية ‪،‬لكن عندما يكون الدوالر ب‪47‬‬ ‫فان املوازنة كانت ستصل قيمتها اىل حدود ‪ 29.5‬مليار‬ ‫دوالر وهبذه احلالة فان قيمة املوازنة اخنفضت بسبب سعر‬ ‫الدوالر حبدود‪ 21‬مليار دوالر ‪ ،‬أهنا موازنة تعادل ربع ما‬ ‫كانت عليه يف املاضي وهذا يشكل تناسباً مع ما يسيطر‬ ‫عليه النظام من مساحة سورية‪.‬‬

‫ومع ذلك يركز نظام االسد على البقاء على نفس رقم‬ ‫املوازنة املاضية ويبقى السؤال احلقيقي‪ :‬ماذا يف جيب االسد‬ ‫من مبلغ ‪ 8.1‬مليار دوالر لينفقه على بعض السوريني؟‪..‬‬ ‫سيما وان الكثري من التقارير أشارت بداية العام احلايل ان‬ ‫االحتياطي النقدي للمصرف املركزي وصل اىل حدود دنيا‬ ‫من مليارين اىل مليار ونصف الدوالر ‪ ،‬بينما تفيد تقارير‬ ‫أخرى اىل تلقي النظام دعما مالياً من روسيا وايران عرب فتح‬ ‫خطوط ائتمان للنظام ‪ ،‬وهي ستكون ديون مستقبلية على‬ ‫كاهل سورية لتميل استمرار االسد يف احلرب‪.‬‬ ‫مع أن سعر الدوالر ارتفع من العام املاضي اىل هذا العام‬ ‫حبدود من ‪ 5- 3‬مرات‪ ،‬وهناك تضخم باعرتاف احلكومة‬ ‫وصل اىل ‪ %500‬أي مخسة اضعاف االسعار اليت كانت‬ ‫من قبل وبالتايل هذه املوازنة ترتاجع حبدود ثالثة ارباع‬ ‫قيمتها‪ ،‬أي االنفاق تراجع يف سورية بنسبة ‪ 75‬باملئة‪.‬‬ ‫وأحلقت احلرب اليت يشنها نظام االسد على الشعب يف‬ ‫سوريا أضرارا باالقتصاد وصلت به اىل حد التعطل واخلروج‬ ‫من اخلدمة‪ .‬فال احد يعرف اعداد اخلارجني من العمل‬ ‫احلكومي؟ وال أحد يعلم اذا تنفق الدولة وماذا توفر‪ ،‬وكيف‬ ‫تنفق حكومة االسد على احلرب ‪ ،‬اال من خالل الدعم‬ ‫املايل االيراين الروسي ‪ ..‬فاملوازنة هذه حتتاج اىل موارد‬ ‫وايرادات غري متوفرة وهلذا ستكون يف اغلبها ارقام على‬ ‫الورق فقط‪ ،‬واالنفاق يتم بسوريا بشكل خفي ألن متويل‬ ‫حرب األسد على الشعب يتم بشكل خفي وسري ‪ ،‬والرقم‬ ‫الوحيد الذي ظهر هو رقم ‪ 1.4‬مليار دوالر يف موازنة‬ ‫‪ 2013‬لتمويل النظام حربه على الشعب‪.‬‬

‫البضاعة العراقية إلى سوريا‬ ‫دون رسوم‬

‫وافقت وزارة االقتصاد والتجارة اخلارجية يوم االثنني‪ ,‬على‬ ‫قرار مشاهدة كل الفواتري للبضائع الواردة من العراق‪ ،‬مرورا‬ ‫ترانزيت‪ ،‬إىل سورية من قبل السفارة السورية يف بغداد ودون‬ ‫استيفاء رسم التصديق كوهنا مستثناة‪.‬‬ ‫وذكر موقع (االقتصادي) أن القرار لفت إىل أنه "يؤخذ‬ ‫بعني االعتبار أحكام املرسوم التشريعي الذي أعفى‬ ‫شهادات املنشأ وللفواتري التجارية العائدة للبضائع الوطنية‬ ‫املنشأ املستوردة إىل سوريا من الدول العربية املوقعة على‬ ‫اتفاقية منطقة التجارة العربية احلرة الكربى أو مبوجب اتفاقية‬ ‫ثنائية مع سوريا من رسم التصديق القنصلي شريطة املعاملة‬ ‫باملثل"‪.‬‬ ‫ووجه "احتاد غرف الصناعة" كتابا إىل غرف الصناعة‬ ‫للعمل مبوجب هذه املوافقة‪.‬‏‬ ‫وتعد منطقة التجارة احلرة العراقية السورية بني القائم‬ ‫والبوكمال احدى منطقتني حرتني مشرتكتني للتجارة بني‬ ‫البلدين اتفق على اقامتهما خالل االجتماع الدوري‬ ‫للجنة الوزارية املشرتكة اليت عقدت يف بغداد هناية متوز عام‬ ‫‪.2011‬‬ ‫وتقع املنطقة األوىل على مقربة من جمرى هنر الفرات بني‬ ‫البلدين فيما تقع الثانية يف اقصى الشمال على احلدود‬ ‫وتصل بني بلدة ربيعة يف حمافظة املوصل العراقية واليعربية‬ ‫يف حمافظة احلسكة‪.‬‬ ‫ويأيت هذا القرار يف وقت تشهد فيه األسواق احمللية ارتفاعا‬ ‫كبريا يف أسعار السلع‪ ،‬حيث ساهم بذلك اخنفاض قيمة‬ ‫اللرية أمام العمالت األخرى‪ ،‬إضافة إىل نقص يف بعض‬ ‫املواد واليت توقف أو حد من استريادها أو توفريها‪ ،‬نتيجة‬ ‫األزمة وعقوبات دبلوماسية واقتصادية دولية أحادية اجلانب‪،‬‬ ‫وسط وعود حكومية بتخفيض األسعار يف األسواق‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن مقاتلني أكراد يف وحدات احلماية الشعبية‬ ‫‪ YPG‬الذراع العسكرية حلزب ‪ PYD‬قد َّ‬ ‫متكنوا خالل‬ ‫اللبنانية لوجود الجئني على أراضيها‪ ،‬ورفضها إقامة خميمات هذا األسبوع من بسط سيطرهتم على معرب "اليعربية" يف‬ ‫كربى على غرار الزعرتي يف األردن أو املخيمات الرتكية‪ .‬حمافظة احلسكة مع احلدود العراقية‪ ,‬بعد معارك طاحنة مع‬ ‫مراقبون لبنانيون يرون يف اإلجراء احلكومي أنه "غري مقبول" قوات املعارضة املسلحة وتنظيمات اسالمية‪.‬‬ ‫وغري منطقي بسبب وجود مئات املهن اليت يعمل فيها‬ ‫السوريني قبل غريهم يف لبنان‪ ،‬ووصفوا إجراء اغالق‬ ‫حمال السوريني أنه أمر يشجع على البطالة ومن مث السرقة‬ ‫واجلرمية‪ ،‬وهو ليس حبل وإمنا ظلم واضح‪.‬‬ ‫بعض أصحاب احملال السوريني أكدوا أهنم يتابعون كيفية‬ ‫الرتاخيص املطلوبة حملاهلم وال ميكنهم اغالقها كوهنا دخلهم‬ ‫الوحيد يف ظروف احلرب الصعبة‪ .‬يذكر أن عدد الالجئني‬ ‫السوريني يف لبنان وصل إىل ‪ 716‬ألف الجئ حبسب‬ ‫تقديرات مفوضية الالجئني يف لبنان ومثة معلومات غري‬ ‫رمسية تقول أن العدد جتاوز املليون سوري‪.‬‬

‫الحقون في لقمة عيشهم "قانونيًا"‬ ‫الالجئون السوريون في لبنان‪ُ :‬ي َ‬ ‫أقدمت السلطات اللبنانية على إغالق عدد كبري من‬ ‫حمال السوريني املنتشرة يف البلدات واملدن اللبنانية‪ .‬وذكر‬ ‫أصحاب حمال سوريني يف البقاع األوسط أن دوريات للدرك‬ ‫اللبناين أجربت بعض احملال على االغالق منذ بداية هذا‬ ‫الشهر و حىت اليوم أو "تسوية أوضاعها قانونياً"‪.‬‬ ‫احلكومة اللبنانية تؤكد أن اإلجر ِ‬ ‫اءات اجلديدة فيما خيص‬ ‫"تنظيم‬ ‫اغالق احملال اليت وصفتها "بغري القانونية" هدفُها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫للتضييق‬ ‫األوضاع االقتصادية واالجتماعية للنازحني وليس‬ ‫عليهم كما يشتكي البعض"‪ .‬مصدر يف بلدية بر لياس قال‬ ‫أنه مت اغالق حنو ‪ 120‬حمال تعود لسوريني أغلبها لبيع‬ ‫اخلضار و الفواكه و ذلك لعدم قانونية تلك احملال‪.‬‬ ‫عدد كبري من الالجئني السوريني يعيشون اليوم يف لبنان‬ ‫ظروف اقتصادية صعبة بسبب عدم "تشجيع" احلكومة‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني واألربعون‬

‫‪3‬‬


‫رأي‬

‫استراتيجية أميركية جديدة في المنطقة‬ ‫عبد الناصر العايد‬ ‫رمبا ال تكون التحركات األمريكية األخرية باجتاه طهران اإلنتاج العالية ثاين أكرب اقتصاد يف العامل وتتقدم لتحل‬ ‫جمرد مناورات سياسية حمدودة تتعلق بالقضية السورية أوال‪ ،‬وهي أيضا وبسبب ذلك أضحت املستورد األول‬ ‫مباشرة؛ فهي قد تكتنف تغريات اسرتاتيجية جديدة للنفط يف العامل‪ ،‬وتعتمد على كل من إيران والسعودية‬ ‫نشأت على خلفية الصراع على سوريا‪ ،‬والذي كشف يف تأمينه‪ ،‬ووصول النفوذ األمريكي إىل إيران اليت‬ ‫عن ضعف أمريكي على الصعيد العاملي تبدى من خالل طاملا استخدمت النفط كسالح‪ ،‬ميكنه ليس فقط أن‬ ‫يهز االقتصاد الصيين‪ ،‬بل يشجع فرقاء آخرين‪ ،‬مثل‬ ‫حتدي روسيا والصني هلا فيما خيص القضية السورية َّ‬ ‫ووقوفهما متحدتني ضدها بقوة؛ األمر الذي يهدد موقع السعودية‪ ،‬على استثمار هذه الورقة‪ ،‬وابتزاز الصني‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية كقطب أوحد‪ ،‬ومصاحلها سياسياً؛ األمر الذي سيؤدي إىل وهن قوهتا إىل درجة‬ ‫بعيدة‪.‬‬ ‫على صعيد الكوكب‪.‬‬ ‫فوقوف الصني وروسيا وثباهتما‪ ،‬بوجه أمريكا وأوربا يف ولكن ما هي املغريات اليت ميكن ألمريكا والغرب أن‬ ‫جملس األمن واستخدام الفيتو املزدوج مرتني‪ ،‬كان مبثابة تقدمها إليران‪ ،‬لتتجاوز هذه األخرية عقبة األيديولوجيا يتمثل يف رص صفوف الشيعة يف العامل من خلفها‪.‬‬ ‫إلقاء قفاز التحدي على اإلدارة األمريكية احلالية‪ ،‬اليت الكأداء‪ ،‬اليت وضعت منذ أيام اخلميين فيما يتعلق و تبدو اللحظة مواتية جدا لإلدارة األمريكية القتناص‬ ‫على الرغم مما يبديه رئيسها أوباما من رخاوة‪ ،‬إال أهنا بالعالقة مع الشيطان األكرب‪ ،‬أي الواليات املتحدة نصر تارخيي على الصعيد الدويل‪ ،‬قاوم أوباما كثريا‬ ‫ليست رهينة شخصيته باإلطالق من ناحية‪ ،‬ولديها األمريكية؟!‪.‬‬ ‫إغراء حتقيقه من خالل القوة العسكرية‪ .‬فرتويض إيران‪،‬‬

‫من الوسائل غري العسكرية مبا يكفي لتحقيق مصاحلها يبدو أن املغريات كثرية وأكرب من أن تقاوم‪ ،‬فإيران اليوم وجلم الدب الروسي‪ ،‬وشل السلحفاة الصينية الدؤوبة‪،‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ :‬ميكن لتحرك رغم كل ما تستثمره يف عالقتها مع روسيا والصني هي ووضع منبع رئيسي آخر للطاقة يف العامل حتت نفوذها‪،‬‬ ‫واسع باجتاه إرضاء إيران واستقطاهبا إىل صف الواليات يف أضعف وضعية هلا منذ عقود؛ إذ إهنا على وشك أن واستعادة زمام املبادرة يف منطقة الشرق األوسط‪،‬‬ ‫املتحدة أن يقلب الطاولة بوجه كل اخلصمني الكبريين‪ .‬تفقد النظام السوري‪ ،‬سندها األهم يف املنطقة‪ ،‬والذي واستخدام تكتيكات املفاضلة بني املتناحرين للسيطرة‬

‫تشكل إيران حجر سنمار للمشروع الصيين الروسي ال يعوضه استيالؤها على العراق‪ ،‬أما على الصعيد عليهم مجيعاً‪ ،‬كل ذلك متاح اآلن ولن يكلفها سوى‬ ‫الصاعد بقوة‪ ،‬فهذه الدولة الغنية بالنفط‪ ،‬واليت تكاد االقتصادي فهي يف احلضيض أيضا؛ إذ إهنا تنتج ثلث بعض املناورات الدبلوماسية لتربير رفع العقوبات عن‬ ‫تصبح ممثلة الشيعة يف العامل كما خطط هلا اخلميين ما تستطيع إنتاجه من النفط بسبب العقوبات املفروضة إيران "اجلديدة"‪ ،‬ومساعدهتا يف بناء برنامج نووي سلمي‬ ‫عندما قام بثورته‪ ،‬هي بالنسبة لروسيا أكثر من دجاجة عليها‪ ،‬وتعاين من بطالة تبلغ الثالثني يف املئة تنذر بإشراف دويل‪ ،‬أي ضمنياً برعاية أمريكية‪ ،‬من أجل ما‬ ‫تبيض ذهبا كلما ضغط عليها الغرب‪ ،‬فهي أيضا صمام بانفجار اجتماعي‪ ،‬وختضع بشكل يومي البتزاز حليفيها سيسمى خري ومصلحة الشعب اإليراين الطيب‪ ،‬نازعة‬ ‫أمان للحدود الروسية اجلنوبية ضد اخلطر اإلسالمي الروسي والصيين‪ ،‬والطلبات املتزايدة للنظام السوري هذه الورقة من يد روسيا‪.‬‬

‫الشيعي السائد هناك‪ ،‬وهي أيضا عرابة النفوذ الروسي الذي متوله منذ ثالث سنوات يف حربه ضد الشعب أما بشان القضايا اخلالفية بني إيران وحلفاء أمريكا يف‬ ‫ستحل بـالتفاهم و"الضمانات" األمريكية‪،‬‬ ‫يف العامل العريب من سوريا إىل العراق إىل لبنان‪ ،‬ودافعة وال يعرف أحد مىت تنتهي‪ ،‬ناهيك عن متطلبات إدامة املنطقة‪ ،‬فإهنا‬ ‫ُّ‬

‫أمثانه وكلفه‪ ،‬وبفقده ال تفقد روسيا شريكا اقتصاديا النفوذ يف لبنان والعراق وسواها‪.‬‬

‫سواء فيما يتعلق بالصراع على طريف اخلليج العريب‪،‬‬

‫مهما وحسب‪ ،‬بل تصبح مكشوفة الظهر من الناحية احللم اخلميين يف خطر‪ ،‬فهو مل يفلح يف انتزاع قنبلته وصوالً إىل تسوية ممكنة يف سوريا‪ ،‬ال غالب فيها وال‬ ‫اجليو سرتاتيجية‪ ،‬من حدودها اجلنوبية مع الدول النووية احلامية‪ ،‬وال يبدو أنه سيتمكن من تصنيعها وسط مغلوب‪ُ ،‬تنح إيران مبوجبها دور الضامن واحلامي‬ ‫الشيعية املرتبطة بإيران‪ ،‬امتدادا إىل أفغانستان شرقا‪ ،‬كل هذه الظروف السلبية واملمانعة الغربية واإلسرائيلية للطائفتني العلوية والشيعية‪ ،‬فال خترج بذلك من امللعب‬ ‫واىل العراق وسوريا يف العمق‪ .‬وحل الواليات املتحدة والعربية الشديدة‪ ،‬خاصة بعد استخدام حليفه السوري السوري‪ ،‬أو يهدد نفوذها الذي رسخه حزب اهلل يف‬ ‫هناك يعزل روسيا عن أبرز مناطق نفوذها‪ ،‬وجيعلها لسالح دمار شامل وما أثاره ذلك من خماوف جديدة لبنان‪ ،‬على أن يستمر النزاع البازغ على احملور السين‬

‫حماصرة بالتهديدات واألخطار‪.‬‬ ‫خبصوص سالحها النووي؛ وال هو استطاع أن يكون قوة الشيعي‪ ،‬من اخلليج إىل مصر إىل سوريا ولبنان والعراق‬ ‫أما الصني اليت تشكل اخلطر االقتصادي األكثر هتديداً اقتصادية أو ينجز ثورة صناعية مستقلة تدعم طموحات وتركيا وإيران‪ ،‬بصيغة استثمار أمريكي طويل األمد‬ ‫للواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬واليت أصبحت بفضل وترية قادة نظامه جلعل إيران قوة عاملية تستند إىل نفوذ إقليمي ومسيطر عليه‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني و األربعون‬


‫تقرير‬ ‫فقراء أبيحت لهم منازل السوريين لينعموا بوهم الثراء‪:‬‬

‫سوق "السنَّ ة" حقيقة وليست خيال‬

‫مسر مهنا‬ ‫مل يكن أحد يتخيّل أن يتحول "زينو" أو هذا ما يل ّقب‬ ‫به‪ ،‬إىل صاحب نعمة "مسروقة"‪ ،‬فكما يقول أحد معارفه‪،‬‬ ‫إنه اآلن ميلك سيارة حديثة‪ ،‬وفرش منزله من أفخم انواع‬ ‫االثاث‪.‬‬ ‫زينو كان من فقراء إحدى قرى العلويني احمليطة مبدينة‬ ‫محص‪ ،‬وهو كما يقال عنه "على نيّاتو" لكنه اآلن أصبح‬ ‫من ميسوري احلال بعد احلملة اليت شنها جيش النظام على‬ ‫أحياء يف مدينة محص‪ ،‬واليت تركها أهلها حبثا عن مكان‬ ‫أكثر أمناً تاركني ورائهم منازهلم لتصبح يف عهدة سارقني‬ ‫وزعوا هذه املمتلكات على أقارهبم أو فتحوا هبا أسواق‬ ‫ّ‬ ‫عرفت بـ"أسواق السنّة"‪.‬‬

‫براد بـ‪ 5000‬لرية !!‬

‫تروي رهف وهي إحدى ساكين الضواحي العسكرية‪ ،‬اليت‬ ‫تقطنها عوائل للضباط‪ ،‬أن "العديد من منازل عائالت‬ ‫العسكريني والشبيحة أصبحت ممتلئة باألدوات الكهربائية‬ ‫احلديثة والفرش الغايل‪ ،‬هذه العائالت اليت مل تكن متلك‬ ‫شيئا يف السابق"‪.‬‬ ‫وعلى حد قول رهف‪ ،‬أن العديد من السيارات العسكرية‬ ‫تأيت حمملة باملسروقات واليت تكون مبعظمها من املناطق اليت‬ ‫استوىل عليها جيش النظام‪ ،‬واليت كما يسميها سارقوها بأهنا‬ ‫"حالهلم" وبأهنا تعود لـ"العراعري"‪.‬‬ ‫وتقول ايضا غن "صديقتها قالت هلا إهنم اشرتوا براد بسعر‬ ‫‪ 5000‬لرية فقط!!! يبلغ مثنه يف سوق االدوات املستعملة‬ ‫ذاته ‪ 50‬الف لرية سورية"‪.‬‬

‫لكل قرية حصة‬

‫بدوره قال وائل‪ ،‬وهو أحد سكان قرى محص‪ ،‬فضل عدم‬ ‫ذكر اسم قريته‪ ،‬إن مسروقات كل حي سيطر عليه اجليش‬ ‫يف محص ختصص إىل قرية معينة من القرى احمليطة باملدينة‬ ‫وعندما تأخذ قرية مسروقات حي ليست خمصصة هلا تنشأ‬ ‫املشاكل بني شبيحة هذه القرى‪.‬‬ ‫يتابع‪ ،‬إن اللجان الشعبية يف هذه املناطق هي اليت حتدد‬ ‫حصص املسروقات ملن تذهب وألي قرية قد تذهب‪ ،‬مشريا‬ ‫إىل أن املسروقات تبدأ من أدوات املطبخ وتنتهي بالسيارة‪.‬‬

‫فيما بني مراد‪ ،‬أن "العديد من الفقراء يف قريته والذين كانوا‬ ‫يشحدون رغيف اخلبز أصبحوا ميسوري احلال بسبب هذه‬ ‫املسروقات"‪ ،‬مشريا إىل أن "السالح قد يفعل أي شيء"‪.‬‬ ‫اشرتوا فرن منهوب فوجدوا فيه "صينية حلمة" مل تؤكل‬ ‫أسواق السنة ليس هلا مكان حمدد فهي موجودة يف األحياء‬ ‫الشعبية العشوائية اليت يتجمع فيها أبناء الطائفة العلوية‪ ،‬أو‬ ‫املوجود يف ضاحية السومرية وهي منطقة سكنية يتجمع فيها‬ ‫عناصر من اجليش مع عائالهتم‪ ،‬أو أحياء الزاهرة وعكرمة‬ ‫يف محص‪.‬‬ ‫يقول حممود وهو من حي التضامن أنه اشرتى تلفزيون‬ ‫من سوق السنة املوجود يف حي املزة ـ‪ 86‬مببلغ ‪8000‬‬ ‫لرية فقط‪ ،‬مبينا أن سعر التلفزيون الذي اشرتاه يبلغ حاليا‬ ‫‪ 40‬ألف لرية‪ ،‬لكن ما يثري السخرية بنظره أنه حصل مع‬ ‫التلفزيون جمانا على "‪."I pod‬‬ ‫أما ابتهاج‪ ،‬فقد أوضحت أهنا رأت بأم عينها "شاحنة كبرية‬ ‫ممتلئة باألدوات الكهربائية والفرش املنزيل يف الـ‪ ،"86‬أشار‬ ‫إليها أحد أقارهبا بأهنا مسروقة من أحد املنازل املوجودة يف‬ ‫املناطق اليت سيطر عليها اجليش النظامي‪ ،‬مبينة أن من يقود‬ ‫الشاحنة كانوا أشخاص ملتحني معروفني بأهنم من اللجان‬ ‫الشعبية يف املنطقة‪.‬‬ ‫ومن الروايات األخرى‪ ،‬قصة مساح‪ ،‬اليت اشرتت عائلتها‬ ‫فرن من سوق "السنة"‪ ،‬لتتفاجأ بوجود صينية حلمة موجودة‬ ‫بداخله‪ ،‬فيما أشارت إىل أهنم اشرتوا "كرسي خشب زان"‬ ‫مببلغ ‪ 1000‬لرية فقط‪.‬‬

‫أحد املقربني من عناصر اجليش يف هذه املنطقة أن تاجر يأيت‬ ‫إىل الضابط املسؤول عن هذه املنطقة ويشرتي منه حمتويات‬ ‫املنطقة بالكامل ومن مث يفتح التاجر هبا سوق‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫أن يأخذ الضابط وأقاربه من هذه املنازل مايريدون‪.‬‬ ‫لكن ما أثار استغراب مجيل‪ ،‬أنه عندما عادت عمته اليت‬ ‫كانت تقطن منطقة املهايين مل جتد حىت "احلنفيات" أو‬ ‫التمديدات املوجودة داخل اجلدران‪ ،‬الفتا إىل أن املنزل‬ ‫أصبح على "العضم" كما كان سابقا‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن أكثر ما أثار استياء زوجة عمته هو‬ ‫أحجار العقيق اليت كان ميتلكها واليت يعود تارخيها إىل‬ ‫"أيام العثمانيني" كان يضعها يف املنزل باإلضافة إىل قطع‬ ‫"املوزاييك" القدمية‪.‬‬

‫هلذا مينع النازح من محل اية اغراض‬

‫الضابط املسؤول عن املنطقة حبسب مجيل‪ ،‬مينع أصحاب‬ ‫املنزل عندما يأتون للكشف على منزهلم من أخذ أي غرض‬ ‫معهم‪ ،‬حيث يروي أن احد أقربائه عندما ذهب إىل منزله‬ ‫طلب منه احلاجز العسكري أن يبقي سيارته خارج احلي وان‬ ‫يذهب مشيا إىل املنزل‪.‬‬ ‫وأوضح أن قريبه أقفل باب املنزل عندما خرج منه وعندما‬ ‫عاد يف املرة الثانية وجده مكسور والبيت خال من كل‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫لكن مراد يقول إنه مل يستطع االطمئنان على منزله بعد‬ ‫خروجه منه‪ ،‬ألنه يف إحدى املرات عندما قام بزيارته مجعه‬ ‫العسكري مع غريه من ساكين املنطقة وأطلقوا النار بني‬ ‫تاجر يشرتي حياً حمتالً من الضابط‬ ‫يقول مجيل وهو من سكان منطقة كفرسوسة‪ ،‬أنه عندما أقدامهم لكي يرهبوهنم ويردعوهنم من اجمليء مرة أخرى إىل‬ ‫عاد أهايل منقطة املهايين واليت تقع بينهم وبني داريا إىل احلي‪.‬‬ ‫( التتمة يف الصفحة ‪)11‬‬ ‫منازهلم وجدوها مسروقة‪ ،‬مشريا إىل أنه حسب ما أخربه‬ ‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني واألربعون‬

‫‪5‬‬


‫قضيّة‬

‫لماذا انحسر تأثير اإلعالم الثوري السوري؟!!‬ ‫عن الـ"أورينت نت"‬ ‫مؤسسات‬ ‫كشفت املعركة اإلعالمية اليت دارت بني َّ‬ ‫وفعاليات الثورة السورية من جهة‪ ،‬وإعالم النظام من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬على خلفية استخدام النظام للسالح الكيماوي‬ ‫مؤسسات الثورة‬ ‫يف شهر آب املاضي‪ ،‬عن ضعف وعجز ّ‬ ‫اإلعالمية‪ .‬فقد جنح النظام يف قلب املعادلة وحتويل هزميته‬ ‫احملتمة يف تلك املواجهة إىل نصر واضح‪ ،‬بلغ ليس درجة‬ ‫التشكيك يف حصول اجملزرة فحسب‪ ،‬بل وإقناع جزء من‬ ‫الرأي العام الدويل بأن قوات املعارضة هي من ارتكبتها‪،‬‬ ‫على الرغم من كل التقارير واإلفادات والشهادات واألدلة‪،‬‬ ‫بل وعلى الرغم من إقراره بامتالك السالح الكيماوي‬ ‫وتسليمه للجنة دولية‪.‬‬ ‫لقد خلف مرور جمزرة آب الكيمياوية بسالم على النظام‪،‬‬ ‫وعدم استثمارها شعبيا وسياسيا وأخالقيا كما ينبغي إىل‬ ‫موجة إحباط وغضب يف الشارع السوري وبني فعاليات‬ ‫الثورة ونشطائها‪ ،‬توجه بعمومه ضد القوى السياسية للثورة‪،‬‬ ‫وجناحها اإلعالمي حتديدا‪ ،‬ولعل يف ذلك الكثري من احلقيقة‬ ‫يقر هبا‪ ،‬إذا ما كان هناك‬ ‫اليت جيب أن تعرف وأن تقال وأن َّ‬ ‫مثَّة رغبة أو إرادة يف املضي قدما يف املعركة الشاملة ضد‬ ‫الديكتاتورية حىت حتقيق النصر النهائي‪ ،‬واالنتقال إىل جمتمع‬ ‫احلرية والكرامة الذي نشده أبناء الثورة وضحوا يف سبيله‪.‬‬

‫إعالم الثورة‪ ..‬من الدعاية إىل التسول‬

‫مل ينطلق اإلعالم الثوري السوري من قاعدة نظرية متماسكة‬ ‫أو أدوات مهنية حمرتفة‪ ،‬ويكاد يكون منوذج الناشط امليداين‪،‬‬ ‫أو ما يسمى باملواطن الصحفي‪ ،‬وهو يلتقط املشهد‬ ‫الدموي بكامريا جهاز املوبايل قائال "أنظروا ياعرب أنظروا‬ ‫يامسلمني!!" هو الصورة النمطية لذلك اإلعالم وأدواته‬ ‫والعاملني به‪.‬‬ ‫فهو إعالم احادي و دعائي بأدوات بسيطة‪ ،‬وبأيدي‬ ‫غري حمرتفة غالباً‪ ،‬غايته كسب التعاطف والتأييد من اخلارج‬ ‫وحسب‪ .‬وهو ما جنح يف حتقيقه يف البداية‪ ،‬وألشهر طويلة‪،‬‬ ‫لكن ليس بسبب مهنيته‪ ،‬بل بسبب عدالة قضيته ومضموهنا‬ ‫األخالقي الرفيع‪ ،‬ويف هذا اإلطار لعبت العفوية وبساطة‬ ‫األدوات دورا مساعدا يف كسب التعاطف‪ ،‬وسامهت يف‬ ‫إقناع املتلقي بضعف وتواضع إمكانيات الضحايا يف‬ ‫مواجهة آلة كبرية ساحقة على خمتلف الصعد‪.‬‬ ‫لقد استقر إعالم الثورة عند هذا املستوى من العمل‬ ‫واجلمهور املستهدف والوسائل املستخدمة لزمن يقرب‬ ‫من ثالث سنوات‪ ،‬وهو زمن طويل جدا يف عرف اإلعالم‬ ‫العصري‪ .‬وأمهل يف هذه االثناء أي خطاب موجه للسوريني‬ ‫يف الداخل‪ ،‬ومل يسمعوا بعضهم البعض‪ ،‬ومل يتمكن اإلعالم‬ ‫من بلورة أو صياغة رأي عام سوري حول قضاياه الطارئة‪،‬‬ ‫ومل نشهد رسائل إعالمية من السوري إىل السوري‪ ،‬سوى‬ ‫تلك اليت خيون هبا البعض بعضا آخر أو يتهمه‪ ،‬وهو ما‬

‫‪6‬‬

‫أدى إىل تفتت القوى الثورية وتناقضها على املستوى النظري‬ ‫والعملي إىل حدود قد يصعب مللمة بعضها وإعادة توحيده‬ ‫وزجه يف اهلدف العام‪.‬‬ ‫أما على صعيد اخلطاب املوجه للعامل والرأي العام الدويل‪،‬‬ ‫فقد شهد إمهاال كبريا جدا‪ ،‬إذا مل يظهر أي منرب أو وسيلة‬ ‫إعالم ختاطب اجلمهور العاملي‪ ،‬واقتصر النشاط على هذا‬ ‫الصعيد على مساعدة بعض الصحفيني الراغبني بتغطية‬ ‫جانب من الوضع امليداين‪ ،‬وهي ظاهرة أخذت بالرتاجع مع‬ ‫استهداف النظام هلؤالء الصحفيني‪ ،‬وانتهت متاما مع بدء‬ ‫بعض اجلهات املقاتلة على األرض باختطاف الصحفيني‬ ‫األجانب‪.‬‬ ‫لقد أدى مجود وأحادية إعالم الثورة وعدم قدرته على‬ ‫التطور ومواكبة احلدث السوري‪ ،‬إىل تناقص قيمته االعتبارية‬ ‫يف وسائل اإلعالم الكربى‪ ،‬اليت بدأت تشيح بوجهها عن‬ ‫احلدث السوري مهما كان كبريا‪ ،‬واحنسر تأثري هذا اإلعالم‬ ‫على كافة املستويات‪ ،‬وأصبحت املادة اإلعالمية السورية‬ ‫اليت كانت املؤسسات اإلعالمية تتلقفها تلقفاً‪ ،‬مادة ثانوية‬ ‫جدا‪ ،‬وصار حاملها اإلعالمي يتوسل هذه القناة أو تلك‬ ‫لعرضها أو نشرها‪ ،‬دون أن يصادف جناحا يذكر‪ ،‬فمادته‬ ‫يف احلقيقة غري مشغولة مهنيا‪ ،‬وال ترقى ملستوى الرسالة‬ ‫اإلعالمية احملرتفة‪ ،‬ومازالت تراوح عند حدود الدعاية‬ ‫األولية املعتمدة كليا على املضمون األخالقي الصرف‪،‬‬ ‫الذي حيتاج إىل تدخل فين ليستعيد جاذبيته‪.‬‬

‫إعالم النظام‪ :‬اكذب اكذب حىت يصدقك الناس‬

‫إن استخدام املقولة الغوبلزية يف وصف سلوك إعالم النظام‬ ‫السوري هنا ليس من باب الشتيمة‪ ،‬بل لتوضيح ثالث‬ ‫حقائق فعلية‪ ،‬هي أن النظام قد اعتمد على الرببوغندا‬ ‫بشكل علمي ومدروس كاسرتاتيجية لعمله اإلعالمي؛‬ ‫وواظب على ذلك رغم الكبوات واهلزائم اليت تعرض هلا‬ ‫على مدى أكثر من سنتني؛ وأنه قد جىن نتيجة لذلك‬ ‫االلتزام واجلهد وهو‪ :‬تصديق الناس له‪.‬‬ ‫فهو وصف الثوار منذ البداية باإلرهابيني والقتلة‪ ،‬وراح حيشد‬ ‫األدلة الصغرية يوما بعد يوم حىت صار لديه منها "كذبة‬ ‫كبرية"‪ ،‬صدقها الكثريون‪ ،‬و قولب كل ثائر داخلها ومنطه‬ ‫هبا حىت لو كان ذلك الثائر جمرد ناشط مدين أو مثقف‪.‬‬ ‫وهو بتغيري مسميات األشياء وحتويرها واإلصرار على تلك‬ ‫التحويرات‪ ،‬خلق نوعا من التشويش والبلبلة يف رسالة الثورة‬ ‫اليت مل تعتمد منهجا واحدا أو اسرتاتيجية ثابتة‪ ،‬بل تُرك‬ ‫عمل النشطاء اإلعالميني لالرجتال والعشوائية‪.‬‬ ‫وهو أطلق شعارات وعبارات مفتاحية ذات وقع مناسب‬ ‫على الداخل واخلارج وعمل جاهدا إلثباهتا إعالميا‪ ،‬مثل‬ ‫محاية األقليات وحماربة اإلرهاب‪ .‬بينما اضطرب إعالم لثورة‬ ‫من املطالبة باحلرية والكرامة‪ ،‬مرورا بشعارات إقامة االدولة‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني و األربعون‬

‫اإلسالمية‪ ،‬وصوال إىل الشعارات الطائفية والعنفية اليت‬ ‫صبت عمليا يف اسرتاتيجية النظام ذاهتا‪.‬‬ ‫وهو كرر ادعاؤه بدون ملل‪ ،‬وبرتابة مؤسسية بريقراطية‪،‬‬ ‫لكنها يف النهاية استقرت كشيء ثابت ال سبيل إىل حتاشيه‬ ‫أو إغفاله‪ ،‬بينما هلث إعالم الثورة وراء املثري كحدث بغض‬ ‫النظر عن كونه موظف يف االسرتاتيجية العامة إما ال‪ ،‬بل انه‬ ‫أحيانا ويف سعيه اللتقاط سبق إعالمي قدم خدمة لدعاية‬ ‫النظام ذاهتا‪.‬‬ ‫وهو عمد إىل دعم مقوالته اإلعالمية بأرقام وإحصائيات‪،‬‬ ‫يعرف كافة املهتمني أهنا ومهية وغري صحيحة‪ ،‬لكن بالنسبة‬ ‫ملتابع خارجي هي أحد بواعث اإلقناع املنطقي‪ ،‬بينما بقي‬ ‫اإلعالم الثوري معتمدا على االنفعال والعاطفة‪ ،‬الذين حىت‬ ‫وإن مت شد انتباه اجلمهور فإىل حني فقط‪.‬‬ ‫و اعتمد إعالم النظام يف تسويق دعايته على بعض جنوم‬ ‫الفن واجملتمع‪ ،‬وربطهم دعايته بصورهم يف خيال اآلخرين‪،‬‬ ‫وهي مسألة مهمة الستقطاب التأييد واالستثمار يف فن‬ ‫وشهرة هؤالء األشخاص‪ ،‬بينما ربط إعالم الثورة دعايته‬ ‫بصور الضحايا وببعض الشخصيات والوجوه غري املشهورة‬ ‫أو الالمعة خارج إطار القضية السورية‪ ،‬وال متتلك جاذبية‬ ‫الفن أو التميز يف جمال حمبوب لذاته‪ ،‬فكانت النتيجة أن‬ ‫أصبح هؤالء األشخاص عبئاً على الدعاية الثورية‪ ،‬وكان‬ ‫ميكن إلعالم الثورة أن يستثمر يف صورة الكثري من‬ ‫الشخصيات الشهرية اليت أعلنت تأييدها للثورة‪ ،‬وحتميل‬ ‫القضية السورية على ما حتوزه تلك الشخصية من تأثري‬ ‫ونفوذ‪ ،‬لكن الذي حدث هو خالف ذلك يف الغالب‪،‬‬ ‫فقد عادى إعالم الثورة فئة الفنانني واألدباء والرياضيني‬ ‫املشهورين بطريقة تبدو غري مفهومة‪ ،‬ولنا أن نقارن مثال‬ ‫طريقة تعاطي إعالم النظام مع فنانة موالية له هي رغدة‪،‬‬ ‫وطريقة تعامل إعالم الثورة مع النجمة العاملية اجنلينا جويل‪،‬‬ ‫لنعرف كم خسر إعالم الثورة يف هذه النقطة وحدها‪.‬‬ ‫ومن التقنيات املهمة اليت استخدمها النظام إلدارة الرببوغندا‬ ‫اخلاصة به‪ ،‬هي عدم التعرض لألفكار واملفاهيم السائدة‬ ‫واحلساسة‪ ،‬فهو على سبيل املثال مل يتطرق للموضوع‬ ‫الطائفي يف سوريا‪ ،‬واعتربه شأناً يهتم به الطرف اآلخر‪،‬‬ ‫وبالفعل أغرق إعالم الثورة يف اخلوض يف الشأن الطائفي‬ ‫واملذهيب‪ ،‬األمر الذي انعكس نفورا وسلبية مسبقة من قبل‬ ‫كافة الفئات اليت ختشى من تصاعد النربة املذهبية‪ ،‬و ظهر‬ ‫النظام يف النهاية كطرف متعال ودميقراطي ووطين‪ ،‬مقارنة‬ ‫باإلقصائية واإللغائية والعنصرية اليت ظهرت يف إعالم‬ ‫الطرف اآلخر‪.‬‬


‫قضيّة‬ ‫كما عمد يف كاف املناسبات املمكنة إىل التظاهر بقبول‬ ‫اآلخر‪ ،‬والرغبة مبحاورته‪ ،‬وبالفعل جلب بعض الدمى اليت‬ ‫متثل جانبا من الطرف املناهض له‪ ،‬حماوال أن يظهر نفسه‬ ‫مبظهر املعرب عن كافة اجتاهات الرأي العام‪ ،‬وهو ما جذب‬ ‫إليه متابعني ما كانوا ليهتموا بشأنه‪ ،‬بينما بالغ إعالم‬ ‫الثورة يف القطيعة مع اآلخر‪ ،‬حىت أنه يف مراحلنا احلالية‬ ‫يبدو كأنه حيدث نفسه‪ .‬وما حدث يف احملصلة النهائية‬ ‫اآلن‪ ،‬هو أن إعالم النظام بتماسكه اإلداري‪ ،‬واستمرارية‬ ‫رسالته اإلعالمية‪ ،‬على هنج واسرتاتيجية ثابتة‪ ،‬وباستخدام‬ ‫التقنيات احلديثة يف االعالم ونظرياته‪ ،‬أصبح قادرا على‬ ‫فرض تأكيداته‪ ،‬بل وادعاء املوضوعية‪ ،‬اليت أصبح بواسطتها‬ ‫سالحا مهما من أسلحة النظام على الصعيد الدويل‪ ،‬و‬ ‫استطاع بالقليل من اإلمكانيات اليت وفرها الثوار أنفسهم‪،‬‬ ‫مثل فيديو أبو صكار الشهري‪ ،‬أن جيين مكاسب ال تقارن‬ ‫من حيث األمهية مع عمل كافة وسائل ومؤسسات إعالم‬ ‫الثورة رغم كل ما متتلكه من مواد أهم وأخطر مبا ال يقارن‬ ‫مع هذا الفيديو اليتيم‪.‬‬ ‫وكان إعالم النظام قبل ذلك قد جنح بإقناع جزء من الشعب‬ ‫السوري بأن مصريهم مرتبط مبصري النظام‪ ،‬بل مبصري بشار‬ ‫األسد حتديدا‪ ،‬وهو الذي جعل كتل بشرية كاملة تتخندق‬ ‫أمام النظام وتدفع بأرواح أبنائها يف سبيل بقائه‪ ،‬بوصفه‬ ‫املنقذ واحلامي‪ ،‬رغم أن احلقيقة عكس ذلك متاما‪ ،‬بينما‬ ‫عمل اإلعالم الثوري بسبب تشتته وانعدام اخلطة والتنظيم‬ ‫إىل تفكيك عناصر الثورة حيناً وتدمري الثقة بني مكوناهتا‬ ‫حينا آخر‪ ،‬وتنفري مجهورها ذاته منها يف حني ثالث‪.‬‬

‫ما املوقف اآلن؟‬

‫نعتقد أن تأثري إعالم الثورة اآلن‪ ،‬خاصة على صعيد‬ ‫اإلعالم الدويل‪ ،‬والرأي العام يف خمتلف أحناء العامل‪ ،‬يف‬ ‫أدىن مستو له‪ ،‬فاملادة املقدمة من طرف إعالم الثورة يف‬ ‫أخر سلم أولويات وسائل اإلعالم‪ ،‬واجلمهور العام أصابه‬ ‫امللل منها‪ ،‬كما أن اعتمادها على الفيديو والصورة وحدمها‬ ‫افقداها الكثري من احليوية والتأثري‪ ،‬ومع عدم وجود مقاالت‬ ‫وكتب ومنشورات ورقية ولقاءات مباشرة تصبح تلك الصور‬ ‫كأهنا من عامل آخر‪.‬‬ ‫يف الوقت عينه يتقدم إعالم النظام مدعوما باملال واخلربات‬ ‫واالستشارات التخصصية الدقيقة‪ ،‬ليحتل رويدا رويدا‬ ‫املشهد الذي سبق وان احتله إعالم الثورة‪ .‬مسقطا عن‬ ‫تلك الثورة أهم عناصر قوهتا‪ ،‬أال وهو العنصر األخالقي‪،‬‬ ‫عرب استثمار هفوات بعض الثوار‪ ،‬ورمبا بعض التمثيليات‬ ‫واملسرحيات اليت ينتجها يف أجهزته اإلعالمية املرتبطة كلياً‬ ‫بأجهزته األمنية‪.‬‬

‫التنظيم أوال‬

‫إذا حيتاج إعالم الثورة اللتقاط أنفاسه أوال إىل عنصر‬ ‫التنظيم‪ ،‬أي إىل إطار عام يقوم بتجميع جزئيات هذا اجملال‬ ‫ومنتجاته بشكل يومي ويعيد تفحصها وترتيبها ومن مث‬ ‫ضخها يف قنوات وأشكال إعالمية متنوعة لتغطي طيفا‬ ‫واسعا من اجلمهور املستهدف يف الداخل واخلارج‪.‬‬ ‫وعلى سبيل املثال‪ :‬تستطيع هيئة األركان العامة أن تستحدث‬ ‫مكتبا خاصا هبا‪ ،‬يقوم من خالل خمتصني ومراسلني‬

‫معتمدين جبمع أحداث وجمريات كل يوم عسكريا وعقد‬ ‫مؤمترات صغرية تدعى إليه وسائل اإلعالم الكربى ويقدم‬ ‫خالله تقرير مفصل وآخر موجز عن آخر التطورات‪ .‬سيوفر‬ ‫منرب مثل هذا توحيدا ممكنا للمضمون اإلعالمي‪ ،‬املرسل‬ ‫منه واملنعكس‪ ،‬وتأطري العمل العسكري عموما بإطار‬ ‫إعالمي قوي وقادر حىت على توجيه العمليات العسكرية‬ ‫يف ظروف عدم وجود قيادة موحدة‪ .‬وكلنا يعرف أمهية هذا‬ ‫العنصر يف احلروب‪ ،‬واالشرتاطات والقوانني اليت تفرضها‬ ‫جيوش أعرق الدميقراطيات على العمل اإلعالمي يف أيام‬ ‫احلرب‪ ،‬بغرض الضبط والسيطرة‪ ،‬بل واستخدام اإلعالم‬ ‫كسالح من نوع أخر رغم خمتلف أنواع االدعاءات املثالية‪.‬‬

‫التخصص واملهنية‬

‫أما العنصر التايل الذي حيتاجه اإلعالم الثوري فهو تطوير‬ ‫األداء من خالل خمتصني‪ ،‬وتسليمهم قيادة هذا اجملال‪،‬‬ ‫إذا مل يعد اإلعالمي املواطن ضرورة ال مناص منها بسبب‬ ‫الظروف األمنية اليت قد هتدد الصحفي‪ ،‬ومل تعد عفوية‬ ‫ذلك الناشط وهو يصور أهله وجريانه بكامريا موبايله ممتزجا‬ ‫بصراخه وعويله مدعاة جللب املصداقية واإلقناع والتعاطف‪،‬‬ ‫فاملعركة اآلن يف مستوى آخر‪ ،‬وجيب أن ختاض جبنود‬ ‫وأدوات أخرى‪ ،‬ليست أرقى أو أفضل بالضرورة‪ ،‬ولكن‬ ‫تواكب تغري الظروف الذي يستلزم تغرياً يف الوسائل‪.‬‬ ‫وعلى سبيل املثال ايضاً‪ :‬ملاذا ال تظهر مؤسسة أو مكتب‬ ‫يضم عددا من املتخصصني يف صناعة الرسالة اإلعالمية‬ ‫الدقيقة والسريعة واملؤثرة‪ ،‬و تقوم بإعداد رسالة واحدة يوميا‬ ‫تتضمن انتهاكاً أو جزء من انتهاك من عشرات االنتهاكات‬ ‫متر تلك الرسالة على‬ ‫اليت يقوم هبا النظام يوميا‪ ،‬على أن َّ‬ ‫متخصص يف القانون املدين وآخر يف القانون اإلنساين‪،‬‬ ‫وترمجة الرسالة ودفعها بفعالية إىل عشرات وسائل اإلعالم‬ ‫العاملية واملنظمات ذات الصلة والشخصيات املعروفة‪،‬‬ ‫واملواقع االلكرتونية والصفحات النشطة على صعيد العامل؟‬ ‫كم سيكلف نشاط مثل هذا من املال؟ أليس مبلغا‬ ‫متواضعا جدا فيما لو قورن باملردود الذي ميكن أن حيصده‬ ‫نشاط كهذا قد ال حيتاج إىل أكثر من مخسة موظفني؟!!‪.‬‬

‫الدعم املناسب و املتناسب‬

‫ظهرت يف السنتني املاضيتني العديد من " املؤسسات"‬ ‫اإلعالمية املنبثقة عن الثورة‪ ،‬على شكل مكاتب إعالمية‬ ‫وصحف وإذاعات ومؤسسات دعم‪ ،‬لكنها مجيعا ما تزال‬ ‫يف طور الوالدة املتعثرة‪ ،‬أو ضعف اإلنتاجية‪ ،‬والسبب‬ ‫األساسي يف ذلك عدم توفر الدعم املايل الكايف أو ضياعه‬ ‫وتبديده بطرق غري جمدية‪ ،‬و بالفساد أحيانا‪.‬‬ ‫إن إجياد صيغة عملية وشفافة لدعم العمل اإلعالمي‬ ‫ومتكينه من أداء مهماته ودوره بشكل صحيح هو أولوية‬ ‫ال تقل أمهية مردوده عن مردود دعم القطاع الصحي أو‬ ‫اخلدمي أو العسكري أو اإلغاثي‪ ،‬وبكلفة اقل بكثري من‬ ‫كلفة دعم القطاعات السابقة‪.‬‬

‫ميثاق الشرف‬

‫نظرا خلطورة وأمهية العمل اإلعالمي‪ ،‬والذي يشق طريقه يف‬ ‫اجملتمع السوري بوصفه إعالماً حرا‪ ،‬ولكون العاملني فيه‪،‬‬ ‫هم مؤسسون حقيقيون لعصر جديد‪ ،‬وجمتمع جديد‪ ،‬فإهنم‬ ‫يتحملون كل ما يتحمله عادة اآلباء املؤسسون من مسؤولية‬ ‫ترسيخ مبادئ وقيم أخالقية وعقيدة جامعة لعملهم‪،‬‬ ‫حيتكمون إليها يف كل خطوة من خطاهم‪ ،‬وتبقى أثرا بعد‬ ‫زواهلم‪ ،‬هتتدي به أجيال أخرى‪.‬‬ ‫إن الظرف االستثنائي الذي يعمل فيه إعالميو اليوم‪ ،‬وينشأ‬ ‫داخله قطاع اإلعالم احلر كما هو مفرتض‪ ،‬ويلعب فيه‬ ‫دورا مميزاً‪ ،‬يؤكد بشكل قاطع أمهية دور اإلعالم يف حياة‬ ‫اجملتمعات والدول‪ ،‬ويثبت أنه بالفعل سلطة رابعة ال بد أن‬ ‫حترتم يف جمتمعاتنا أيضاً‪ ،‬وهلذا السبب وألسباب أخرى ال‬ ‫يتسع هلا املقام هنا‪ ،‬يتوجب على اإلعالميني أن يتعاملوا‬ ‫مبسؤولية وجدية مطلقة مع عملهم‪ ،‬فاملعركة احلالية مع‬ ‫النظام مازالت قائمة‪ ،‬وحتتاج اليوم إىل جهودهم على حنو‬ ‫إسعايف‪ ،‬أما الغد فيبدو جماهلم الرحب الذي جيب أن‬ ‫يستعدوا ليكونوا أحد الالعبني األساسيني على مسرحه‪،‬‬ ‫وأن يغتنموا كل فرصة تسنح هلم لتطوير أدواهتم وأساليبهم‪،‬‬ ‫وتكوين منظوماهتم ومؤسساهتم املبنية على خربات حية‪،‬‬ ‫وفوق كل هذا وقبله‪ ،‬بناء املنظومة األخالقية اليت سينشأ‬ ‫هذا القطاع ويرتعرع يف ظلها‪.‬‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني واألربعون‬

‫‪7‬‬


‫مدن الثورة‬

‫منطقة تل تمر بعد عام على انسحاب النظام منها‪:‬‬

‫‪ 120‬قرية و أربع طرق وثالث ثقافات‬ ‫خاص‪ /‬جسر‬

‫تشابه حالة تل متر ( ‪ 60‬كم غرب مدينة احلسكة) حال‬ ‫معظم مدن وبلدات الشمال الشرقي من سوريا عقب‬ ‫خروجها عن سيطرة النظام‪ ،‬فهي تصنف ضمن املناطق‬ ‫احملررة املسيطر عليها عسكرياً من قبل وحدات احلماية‬ ‫الشعبية ‪ ypg‬مما جعل هذه املناطق مسرحا لعمليات‬ ‫عسكرية بني هذه القوات وبعض الفصائل اإلسالمية أمهها‬ ‫جبهة النصرة وتنظيم الدولة االسالمية يف العراق والشام‪ .‬أما‬ ‫إدارياً‪ ،‬فال يوجد يف تل متر حىت اآلن جسم تنظيمي ميكن‬ ‫تسميته مبجلس لإلدارة احمللية‪ ،‬ففيما يقوم جملس شعب‬ ‫غريب كردستان ومنظمات أخرى مقربة من حزب اإلحتاد‬ ‫الدميقراطي بتسيري الشأن العام يف البلدة وتأمني ما ميكن من‬ ‫السلع واخلدمات األساسية للسكان‪ ،‬تظهر إىل السطح‬ ‫تعقيدات تتعلق بالرتكيبة السكانية لتل متر وريفها‪ ،‬واليت‬ ‫قد جتعل من الصعب على هذا البديل اإلداري أن ينجح‬ ‫لفرتة طويلة خالفاً لباقي مدن وبلدات الشمال الشرقي اليت‬ ‫تقطنها غالبية كردية‪.‬‬

‫جملس للسلم األهلي عوضاً عن جملس إدارة حملي‬

‫حيدثنا "حممد صاحل كويت"‪ ،‬وهو سبعيين من أعيان البلدة‪،‬‬ ‫عن جتربتهم يف حماولة تأسيس جملس للسلم األهلي يف البلدة‬ ‫عقب خروج النظام وبروز اخلالفات نتيجة مبادرة عناصر‬ ‫‪ ypg‬لفرض سيطرهتم عليها‪" ،‬جملس السلم األهلي كان‬ ‫يفرتض به سد الفراغ الذي خلفه النظام وأن ينهض باألعباء‬ ‫اإلدارية يف البلدة وريفها‪ ،‬وأيضاً ضمان األمن الداخلي‬ ‫وعدم نشوب صراعات بني خمتلف املكونات"‪ ،‬ويضيف ‪:‬‬ ‫" حني نشبت الصدامات األخرية بني جبهة النصرة و ‪ypg‬‬ ‫قبل حوايل ستة أشهر‪ ،‬تلك كانت هناية لعمل اجمللس الذي‬ ‫عجز عن منع الصدام‪ .‬حاولنا بعد ذلك تسوية اخلالفات‬ ‫وإعادة تفعيل جملس السلم األهلي‪ ،‬إال أننا مل نتمكن من‬ ‫اإلمجاع على أسس مشرتكة لكيفية إدارة املرحلة احلالية"‪.‬‬ ‫أما "عبد الكرمي عبدو"‪ ،‬رئيس جملس شعب غريب كردستان‬ ‫احمللي فيقر بفشل جتربة جملس السلم األهلي‪ ،‬وبأن جملس‬ ‫موقع مميز وتنوع اثين‬ ‫شعب غريب كردستان هو الذي يدير البلدة يف الوقت الراهن‬ ‫لعدم وجود البديل‪ ،‬ويقول‪ " :‬البلدة حباجة لسلطة إدارية‬ ‫نقطتان مها اللتان تزيدان من أمهية تل متر‪ ،‬األول موقعها تسري مصاحل الناس‪ ،‬ومادمنا منلك القدرة على النهوض هبذا‬ ‫املهم على تقاطع طرق رئيسية يف املنطقة وهي‪ :‬طرق حلب‪ ،‬العبء فلن مينعنا شيء من العمل ولن ننتظر باقي اإلطراف‬ ‫القامشلي‪ ،‬احلسكة‪ ،‬ورأس العني‪ .‬والنقطة األخرى واألهم اليت تعوقها خالفتها الداخلية"‪.‬‬ ‫هي اخلارطة البشرية والثقافية يف املنطقة‪ .‬حيث تضم البلدة‬ ‫وريفها خليطاً بشرياً متداخالً بصورة معقدة مؤلفاً من‬ ‫انعدام االستقرار‪ ،‬اهلاجس األخطر‬ ‫األشوريني‪ ،‬األكراد‪ ،‬والعرب‪ .‬هذه اخلارطة تنعكس سياسياً‬ ‫وعسكرياً على شكل التوافق إداري وتعدد لإلدارات اجلزئية‬ ‫واملسيسة‪ ،‬وعلى شكل صراع مسلح للسيطرة على األرض بضحكة املناور الذي وضع على احملك‪ ،‬وبعد التفافات‬ ‫بني قوات ال ‪ ypg‬مدعومة من شرحية كبرية نسبياً من طويلة يعرتف أبو حممد وهو بائع خضار مخسيين بالقول‬ ‫السكان األكراد من جهة‪ ،‬والفصائل اإلسالمية املتحالفة ‪ " :‬كل ما خنشاه هو استمرار االشتباكات بني األطراف‬ ‫مع بعض العشائرية العربية يف املنطقة من جهة أخرى‪ ،‬وبينما املسلحة‪ ،‬فغياب األمن هو غياب للحياة"‪ .‬ذلك هو املزاج‬ ‫حيتفظ األشوريون بالوقوف على احلياد دون التورط يف محل العام لكثري من السكان هنا بعد أن عاشت تل متر جتربتني‬ ‫السالح مشكلني بذلك صمام أمان مينع االنفجار‪ ،‬لكن قاسيتني للصدامات املسلحة بني عناصر ‪ YPG‬والفصائل‬ ‫ينمو اخلوف لدى شرحية عريضة من السكان غري املنخرطني‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬كانت األوىل يف بدايات العام احلايل‪ ،‬وتلتها‬ ‫يف الصراع املسلح من اآلثار االجتماعية واملعيشية اليت‬ ‫أخرى بعد حوايل أشهر‪ .‬وحىت اليوم ال‬ ‫يسببها‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني و األربعون‬

‫تزال الشروط اليت أوجدت هذه الصدامات قائمة‪ ،‬فعلى‬ ‫بعد اقل من كيلومرتين على غرب تل متر تسيطر جبهة‬ ‫النصرة باالشرتاك مع فاصل أخرى على قرية غيبش‪ ،‬كما‬ ‫تسيطر على طريقي رأس العني‪-‬تل متر‪ ،‬واحلسكة‪-‬تل متر‪،‬‬ ‫يف حني يبقى الطريق الدويل بني تل متر‪-‬القامشلي مسرحاً‬ ‫لعمليات عسكرية بني الفينة واألخرى‪،‬أما السكان الذين مل‬ ‫يغادروا البلدة بعد‪ ،‬فيعايشون االنعكاسات األمنية واملعيشية‬ ‫على حياهتم من إغالق للطرق الرئيسية‪ ،‬وعمليات السطو‬ ‫والنهب‪ ،‬وحاالت لنزوح قرى بأكملها‪ ،‬وغريها الكثري إىل‬ ‫جانب القلق من املستقبل‪.‬‬

‫أدوار مفرتضة‬ ‫تصبح احلياة أكثر صعوبة حني تنعكس اخلالفات السياسية‬ ‫على متطلبات ملئ الفراغ اإلداري يف بلدة صغرية كتل‬ ‫متر‪ ،‬وهي ليست احلالة الوحيدة يف الشمال الشرقي لتكون‬ ‫كذلك يف سوريا‪ ،‬ويف ذلك مؤشر على درجة القصور يف‬ ‫أداء مشاريع اإلدارة احمللية اليت ترعاها املعارضة السورية سواء‬ ‫اجمللس الوطين أو االئتالف‪ ،‬فحني ال جتد يف بلدة يتبع هلا‬ ‫أكثر من ‪ 120‬قرية شخصاً واحداً يتحدث باسم مشروع‬ ‫جمللس إدارة حملي‪ ،‬فذلك يعكس حجم ابتعاد مهندسي‬ ‫هذه املشاريع عن بؤس الواقع اإلداري‪.‬‬


‫ملف العدد‬

‫هجرة السوريين غير الشرعية‪:‬‬

‫بعضهم استقر في بيوت السويد الدافئة وبعضهم في اعماق المتوسط المظلمة الباردة‬ ‫جودي عياش ‪ -‬القاهرة‬ ‫ضاقت االرض الرحبة بالسوريني‪ ،‬دمرت بالدهم ومنازهلم‪،‬‬ ‫فتلقفتهم بالد اجلوار حلني من الزمن‪ ،‬قبل ان متلهم وتنقلب‬ ‫عليهم‪ ،‬فبدؤوا رحلة البحث عن مهجر ابعد واكثر اماناً‪،‬‬ ‫وكانت أوربا بالنسبة ملعظمهم اخليار السحري‪ ،‬لكن مثة‬ ‫حبر يفصلهم عن أرض األحالم اجلديدة‪ ،‬اليت ال تقبلهم‬ ‫إال إذا حطوا على ارضها بطريقة غري شرعية‪ ،‬فركب قسم‬ ‫كبري منهم موج البحر بقوارب بدائية‪ ،‬وبواسطة عصابات‬ ‫هتريب‪ ،‬ال يهمها يف النهاية سوى ما جتنيه من مال لقاء‬ ‫خدمة غري مضمونة‪ ،‬بعضهم تكللت رحلته بالنجاح وبلغ‬ ‫شاطيء األمان‪ ،‬وبعضهم خانه احلظ وانتقل من ضفة هذا‬ ‫العامل الذي اسود يف وجهه إىل ضفة العامل اآلخر‪ ،‬ليدخل‬ ‫رقما يف قائمة احصائيات ضحايا الثورة السورية‪.‬‬ ‫رامي خمربي االسنان احلوراين الذي جتاوز االربعني‪َّ ،‬فر من‬ ‫سوريا مع زوجته واطفاله الثالثة بعد ان اصبح العيش يف‬ ‫درعا جحيما ال يطاق‪ ،‬تنقل يف رحلة اللجوء بني االردن‬ ‫ولبنان وتركيا ليستقر اخريا يف مصر اليت وجد العيش فيها‬ ‫مقبوال‪ ،‬قبل ان ينقلب االخوة يف مصر على ابناء جلدهتم‬ ‫ويكشرون عن انياهبم ليصبح السوري مطاردا ومطلوبا هناك‬ ‫ايضا‪ .‬وبعد وبعد ان انسد االفق بوجهه قرر ان يركب‬ ‫البحر مقامرا بكل شيء‪ ،‬فإما ان ينجو وتنجو عائلته‪ ،‬وإما‬ ‫أن ينهي املوت حمنتهم‪.‬‬ ‫أملك خمرباً لألسنان يف درعا‬ ‫يقول رامي لـ"جسر" ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫"كنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫جمهز بأفضل املعدات ودخلي جتاوز عتبة اجليد‪ ،‬لكن بسبب‬ ‫االحداث واملخاطر اضطررت ملغادرة البلد‪ ،‬واستقريت يف‬ ‫مصر‪ ،‬وقضيت فيها حوايل مثانية شهور‪.‬يف األشهر االوىل‬ ‫وكوننا هربنا من حرب دائرٍة يف البالد‪ ،‬استطعنا أن نقضي‬ ‫شهوراً دون ازعاج ُملِموس‪ ،‬لكن تعليم اوالدي واخنفاض‬ ‫مستوى دخلي هنا ونفاذ مدخرايت بدأ يضغط علي"‪.‬‬ ‫يقول رامي أنه بدأ بالبحث عن ٍ‬ ‫بديل أخر وتق ّد َم بطلب‬ ‫هجرة ألكثرمن سفارٍة دون جدوى‪ ،‬وبعد أن اضناه البحث‪،‬‬ ‫حىت أن جسمه بدا باهلزال‪ ،‬قرر أن يبحث يف طرق اهلجرة‬ ‫غري الشرعية‪ .‬ويقول واصفا معاناته الداخلية‪ " :‬لست خائفاً‬ ‫على نفسي‪ ،‬لكنين فكرت بأطفايل كثريا‪ ،‬وهل ان من حقي‬ ‫ان أقرر هلم حياهتم أو رمبا موهتم‪ ،‬رغم َّ‬ ‫أن تفكريي يكاد‬ ‫ينحصر بتامني تعليمهم ومستقبلهم؟!"‪.‬‬

‫ويتابع واصفا رحلة البحث عن رحلة غري شرعية‪":‬‬ ‫يصد ُح يف‬ ‫استيقظت يف صباح يوم مسعت فيه طرياناً َ‬ ‫ُ‬ ‫مساء القاهرة‪ ،‬ذكرين مبا كنت امسعه من اصوات يف سوريا‪،‬‬ ‫هنضت من فراشي‬ ‫واجواء احلرب اليت تطاردنا مثل كابوس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وبدأت استعدادايت للسفر‪،‬‬ ‫أخربت زوجيت بقراري النهائي‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫و ُ‬ ‫بناء على استفسار ٍ‬ ‫ات طالت أياماً عن تلك التحضريات"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫"أهم شيء هو سرتةُ النجاة" يقول رامي‪ ،‬ويضيف ‪ ":‬جيب‬ ‫ان حيمل املهاجر غري الشرعي ايضا دواءُ دوا ٍر البحر ومياهٌ‬ ‫سمح للمساف ِر بالبقاء على قيد‬ ‫معدنية بكميات قليلة تَ ُ‬ ‫احلياة حىت تنتهي الرحلة‪ ،‬وأنواعٌ حمددة من الطعام تكفي‬ ‫اليام الرحلة مثل األطعمةَ املعلبة والفواكه اجملففة (الطون‪،‬‬ ‫التني والبسكويت) وألبسةٌ خفيفة للتبديل‪ ،‬وبال اوراق ثبوتية‬ ‫غالبا‪ ..‬هذا كما كان يلزم املغامر الذاهب يف رحلة البحث‬ ‫عن ضفة ىمنة‪ ،‬واليت قد تنتهي بكونه جثة جمهولة اهلوية"‪.‬‬ ‫أخبار رامي بعد ان غاب يف عرض البحر أكثر‬ ‫ْ‬ ‫انقطعت ُ‬ ‫ِ‬ ‫"متت‬ ‫من عشرة أيام‪ ،‬وكان احل ُ‬ ‫ظ قد حالفهم حسب قوله‪ْ :‬‬ ‫مؤهل لإلحبا ِر ملسافاتٍ‬ ‫عمليةُ التهريب يف ٍ‬ ‫قارب صغريغري ٍ‬ ‫تفوق طاقةَ استيعابه مما عرضنا‬ ‫وحّل بأشخاص ُ‬ ‫طويلة ُ‬ ‫خلط ِر الغرق كجميع القوارب املبحرة اىل سواحل ايطاليا"‪.‬‬ ‫يتسع القارب ال ألكثر من‬ ‫يقول ارامي‪" :‬كان القارب ُ‬ ‫ِ‬ ‫يهدد َم ْن‬ ‫وروح املسافرين بيد املهرب‪ُّ ،‬‬ ‫مخسني شخص‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مياه البح ِرتأكلُه بسهولة‪،‬‬ ‫يعرتض على مضاعفة العدد‪ ،‬أ ّن َ‬ ‫حاضرعلى طول الرحلة‪ ..‬أوصلَنَا‬ ‫سالح ال تكلفةَ له‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫القارب خارج املياه االقليمية اإليطالية‪ ،‬وهنا اعرتضنا‬ ‫وسحب قاربنا اىل الشاطئ ومل نكن‬ ‫خفر السواحل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫نسبح أطفاالً ومسنني اىل‬ ‫ُملزمني كالكثريمن الرحالت أن َ‬ ‫الشاطئ‪ ،‬كما حدث مع أخرين‪ ،‬وغرق معظمهم الن‬ ‫النسبة األكرب ال جتيد السباحة ومن كان جييدها‪ ،‬فقد‬

‫يتعب جداً وترهقه املسافة الطويلة"‪.‬‬ ‫ويتابع واصفا الشوط االخري من رحلته‪ ":‬وصلنا مجيعنا‬ ‫سبق وصولنا ووجدنا الصليب األمحر‬ ‫ساملني هذه املرة‪َ ،‬‬ ‫االيطايل بانتظارنا على الشاطيء مع عدد من الصحفيني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بعض الصور‪ ،‬وتأكد االيطاليون من سالمتنا كل‬ ‫وأُخ َذ ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫من كانوا على منت املركب"‪.‬‬ ‫"رافقنا حسن الطالع مرة اخرى فلم جنرب على العطاء بصمة‬ ‫اللجوء‪ ،‬االمر الذي سيمكننا من البلد الذي نقصده وهو‬ ‫السويد بسهولة‪ ،‬وكان بانتظارنا وفق اتفاق مسبق سائق‬ ‫سوري سوف يأخذنا إىل هناك"‪.‬‬ ‫يصف رامي مشاعره لدى وصوله‪ " :‬مل أصدق ماحنن فيه‪،‬‬ ‫مل اصدق مقدار االنسانية واالحرتام الذي احاطونا فيه يف‬ ‫السويد‪ ،‬لقد نقلنا بسرعة عوائل وافراد من املخيمات اىل‬ ‫تعرف معىن الشح والربد‪ ،‬التففنا على ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أنفسنا ومننا‬ ‫منازل ال ُ‬ ‫ّ‬ ‫بعمق"‪.‬‬ ‫لكن هذه اخلامتة السعيدة اهلانئة لقصة سوري وجد اخريا‬ ‫منزال دافئا يأويه مرة اخرى‪ ،‬مل تكن خامتة أخرين‪ ،‬خاهنم‬ ‫احلظ والتوفيق‪ ،‬و استقروا يف عمق البحر املتوسط املظلم‬ ‫البارد‪ ،‬بعد ان حتولت سفن النجاة اليت تقلهم‪ ،‬إىل سفن‬ ‫موت‪ ،‬ببساطة شديدة‪.‬‬ ‫فأنس وهو طالب ماجستري يف االقتصاد‪ ،‬وأحد السوريني‬ ‫الفارين من جحيم احلرب‪ ،‬والذي اضطر للفرار من مصر‬ ‫ايضا بعد ان قلبت له ظهر اجملن كما يقال‪ ،‬و توقف أهلها‬ ‫عن التعامل معه كشقيق كما كانت تقول‪ ،‬سافر على‬ ‫واحد من تلك القوارب‪ ،‬وانقطعت اخباره اىل االبد‪.‬‬ ‫ليس وحده من وضعت االقدار وعسف القريب والغريب‬ ‫حدا ماساويا حلياته‪ ،‬مئات بل رمبا آالف السوريني‪ ،‬قضوا‬ ‫يف رحلة االنعتاق من القهر واالضطهاد‪ ،‬شأهنم شأن مئات‬ ‫اآلالف الذين قضوا على هذا الطريق يف بلدهم عللى يد‬ ‫جمرمي العصر زبانية نظام االسد وحلفاؤه‪.‬‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني واألربعون‬

‫‪9‬‬


‫ملف العدد‬ ‫حكايات هروب السوريين إلى أوروبا‪:‬‬

‫ضياع وغرق و لبس الشورت والباروكة الشقراء في سبيل الخالص‬ ‫س‪.‬م ‪ /‬دمشق‬ ‫مل يتخيل رائد ‪ 24‬عاما الذي مل يتم دراسته يف كلية‬ ‫االقتصاد جبامعة حلب أن يقضي ‪ 7‬أيام على احلدود‬ ‫بني تركيا واليونان اضطر خالهلا يف بعض األحيان لتناول‬ ‫العشب للحفاظ على حياته‪.‬‬ ‫رائد الذي كان ينشط يف العمل اإلغاثي يف سورية‪ ،‬خرج‬ ‫إىل تركيا هربا عن طريق ادلب خوفا من اخلطر داخل سورياـ‬ ‫فقد اختار أوروبا كوجهة له رافضا البقاء داخل املنطقة اليت‬ ‫تسيطر عليها املعارضة السورية يف الشمال بسبب إحلاح‬ ‫والده عليه باهلرب إىل أملانيا‪.‬‬

‫تناولنا عشب‬

‫يقول رائد‪ ،‬رحليت بدأت يف شهر حزيران املاضي‪ ،‬بعد‬ ‫االتفاق مع دليل مجعين به صديق أيب يف تركيا ومت االتفاق‬ ‫معه على العبور برا إىل اليونان‪ ،‬خرجت مع الدليل وشاب‬ ‫آخر على أن تستمر الرحلة ‪ 4‬أيام فقط لتطول إىل ‪ 7‬أيام‬ ‫بسبب ضياعنا يف الغابات ملدة ‪ 3‬أيام اضافية اضطررنا‬ ‫خالهلا لتناول العشب‪.‬‬ ‫يتابع "بعد أن وصلنا إىل اليونان اعتقلتنا السلطات اليونانية‬ ‫ملدة ‪ 10‬أيام مع الدليل ومن مث أفرجت عنا وكان لنا حرية‬ ‫التجول إىل أي دولة أوروبية نريدها‪ ،‬فقمت بالتوجه من‬ ‫خالل املرتو إىل أملانيا"‪.‬‬ ‫وهذه هي حالة وائل‪ ،‬الذي خرج أيضا من تركيا عرب الغابات‬ ‫إىل اليونان بقيادة دليل سوري‪ ،‬مشريا إىل أنه "يف الطريق‬ ‫بني حدود هاتني الدولتني يضيع العديد من السوريني يف‬ ‫الغابات ما يضطرهم إىل تناول العشب عند نفاد الطعام"‪.‬‬ ‫وأشار وائل إىل أنه يف اليونان مت القبض على دليلهم‬ ‫وحماكمته وهذه ليست املرة األوىل اليت يتم فيها القبض عليه‬ ‫لكنه هو وآخرون تعرفوا هناك على دليل جديد كان أوصى‬ ‫به القدمي‪ ،‬قادهم من خالل باص إىل مقدونيا ومن مث صربيا‬ ‫والنمسا ومن مث أملانيا‪.‬‬ ‫وبني وائل أن هذه الرحلة كلفته ‪ 6000‬يورو أي مليون‬ ‫و‪ 700‬ألف لرية سورية‪ ،‬متابعا "أول وصولنا إىل أملانيا‬ ‫أعطونا ‪ 300‬يورو مثن للمالبس‪ ،‬والفندق لتتم حماكمتنا‬ ‫واحلصول على اللجوء بعد ‪ 3‬أشهر"‪.‬‬

‫عن طريق البحر‬ ‫تعددت طرق اهلروب إىل أوروبا وكان أحدها عن طريق‬ ‫البحر‪ ،‬حيث يروي حممد أنه "يف مصر ّزور له شخص‬ ‫جواز سفر إيطايل ليستطيع اهلرب يف باخرة حمرتمة"‪ ،‬مشريا‬ ‫إىل أنه "بعد الوصول إىل إيطاليا سافر إىل أملانيا"‪.‬‬ ‫فيما قال زهري أنه "خرج من القاهر يف باص إىل اإلسكندرية‬ ‫ومن هناك استقل سفينة بتكلفة ‪ 3500‬دوالر للشخص"‪،‬‬ ‫مشريا إىل أنه بعد ‪ 3‬ساعات من مغادرهتم الشاطئ انتقلوا‬ ‫من السفينة إىل باخرة ومن مث إىل جزيرة يف ايطاليا‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫وبني وائل أن "الدليل‪ ،‬وهو الشخص الذي قام بتهريبهم‬ ‫سوري فلسطيين من خميم الريموك‪ ،‬أمرهم بالنزول باملياه قبل‬ ‫‪ 200‬من اجلزيرة اإليطالية خوفا من خفر السواحل‪ ،‬وقمنا‬ ‫بعدها بالسباحة إىل الشاطئ"‪ ،‬موضحا أن اجلميع كان‬ ‫ّجهز من قبل السفر معدات السباحة "فواشات"‪.‬‬ ‫ولفت إىل أنه "يف ايطاليا استقبلهم اهلالل األمحر وأطعمهم‬ ‫وألبسهم ومن مث أطلقتهم السلطات هناك بشرط اإلقامة‬ ‫داخل إيطاليا ملدة قصرية"‪ ،‬مبينا أن كل واحد منهم خرج‬ ‫عن طريق املرتو من ايطاليا إىل الدولة اليت يريدها والتكلفة‬ ‫كانت ‪ 1000‬دوالر نقل داخل أوروبا‪.‬‬ ‫وقال وائل إن‪" :‬األغلبية من السوريني تتوجه إىل الدمنارك‬ ‫أو فنلندا أو السويد اليت تتساهل مع السوريني بشكل‬ ‫كبري وتقوم بتأمني املسكن وامللبس هلم ومن مث مل الشمل‬ ‫لعائالهتم"‪.‬‬

‫هروهبم كلفهم ‪ 6000‬دوالر لكل شخص‪ ،‬حيث قام‬ ‫بتهريبهم دليل يف تركيا أعطاهم جوازات سفر مزورة عليها‬ ‫صور ألشخاص يشبهوهنم وعندما وصلوا إىل السويد قالوا‬ ‫للسلطات هناك إهنم يريدون اللجوء‪.‬‬ ‫أما رشا اليت حلقت بعائلتها إىل الدمنارك فقد كلفها سفرها‬ ‫تعرضنا للغرق‬ ‫أما بالنسبة ألبو حممد فقد كانت الرحلة أكثر شقاء حيث من تركيا ‪ 15‬ألف دوالر‪ ،‬وهي ال ترى أن هذا املبلغ كبري‬ ‫خرج من ليبيا عن طريق البحر يف رحلة من الطبيعي أن مقارنة باحلياة اليت حصلت عليها هناك من منزل وراتب‬ ‫تستغرق يوم واحد إىل جزيرة صقلية يف ايطاليا لكنها وعيش آمن‪.‬‬ ‫"برستيج" مالئم‬ ‫استمرت ‪ 4‬أيام بسبب تعرض سفينتهم للغرق‪.‬‬ ‫يروي أبو حممد أنه عندما دخلوا املياه اإلقليمية اإليطالية العديد من حاالت السوريني اليت خرجت إىل أوروبا هربا‬ ‫بدأت املياه تدخل إىل السفينة املهرتئة اليت كانوا يركبوهنا قامت بالتعديل على مظهرها لتسهيل العبور يف املرتو بني‬ ‫وشعر أن موته اقرتب حيث بدأ هو واملوجودون بإخراج املياه دول االحتاد األورويب‪ ،‬حيث أنه كان من املصاعب الكبرية‬ ‫اليت واجهتهم أن يطلب اجلايب الفيزا اليت الميتلكها اهلاربون‬ ‫من خالل السطول‪.‬‬ ‫ويف هذه األثناء قام الدليل الذي يقودهم باالتصال عرب ويعيدهم إىل الوجهة اليت خرجوا منها‪.‬‬ ‫الثريا مع السلطات اإليطالية إلنقاذهم‪ ،‬مبينا أن الساعات يقول سامر‪ ،‬إنه اضطر حللق حليته اليت تدل على طريقته‬ ‫اليت انتظروا وصول املساعدة فيها كانت من أطول ساعات الدينية يف احلياة‪ ،‬قبل خروجه من مصر كما أنه ارتدى‬ ‫حياته‪ ،‬مشريا إىل أن السلطات اإليطالية أرسلت هلم سفينة "الشورت" و"الشحاطة" ليبدو مبنظر السائح‪ ،‬كما طلب‬ ‫من زوجته عندما وصلوا إىل إيطاليا ان ختلع احلجاب ريثما‬ ‫قامت بربط سفينتهم باحلبال لنقلهم‪.‬‬ ‫وصلوا إىل هولندا‪.‬‬ ‫لكن مأساته مل تنته هنا حيث أنه عند وصوله إىل الشاطئ‬ ‫وكذلك رنا اليت خرجت من اليونان إىل أملانيا تقول إهنا‬ ‫ُسرقت مالبسه من قبل املوجودين معه‪ ،‬لكن السلطات‬ ‫وضعت "بروكة" شقراء على رأسها وارتدت فستان قصري‬ ‫اإليطالية مسحت هلم بالذهاب أمينا يريدون‪.‬‬ ‫لكي اليشكو مبنظرها ويسألوها عن الفيزا وهذا ما فعله‬ ‫يقول أبو حممد إنه صعد يف املرتو وذهب إىل ميالنو ليذهب أقربائها أيضا على حد قوهلا‪.‬‬ ‫بعدها إىل فرنسا لكن يف فرنسا طلب اجلايب منه الفيزا اليت‬ ‫حياة رغيدة‬ ‫مل تكن حبوزته وأعاده إىل إيطاليا ومن هناك عاد وأخذ مرتو مجيع الذين خرجوا عن طريق التهريب إىل أوروبا ذهبوا‬ ‫آخر لفرنسا وتكررت معه احلادثة نفسها عند وصوله إىل وهم يعلمون أن ما ينتظرهم سيكون حياة أفضل بكثري‬ ‫ميالنو حيث طلبوا منه الفيزا وطلبوا منه العودة إىل إيطاليا‪ .‬من املستوى الذي كانوا يعيشونه داخل البالد‪ ،‬فسامر‬ ‫ويف املرة الثالثة عاد واستقل املرتو وعندما طلبوا منه الفيزا الذي وصل إىل هولندا منذ ‪ 7‬أشهر يقول إهنم جعلوه يقيم‬ ‫رفض النزول وقال هلم بعد أن أحضروا مرتمجة إنه لن ينزل يف منزل مجيل وأعطوه املال‪ ،‬وسيمنحونه منزل بعد أشهر‬ ‫بانتظار أن يقوم بـ"مل مشل" لبقية عائلته‪.‬‬ ‫ولو على جثته فأعطوه فيزا تنقل يف أوروبا ملدة شهر‪.‬‬ ‫وهذه حالة فراس املقيم يف فرنسا حاليا‪ ،‬حيث يبني أن‬ ‫هتريب الطائرة أغلى‬ ‫السلطات هناك أعطته منزال وهي اليت تصرف عليه‪،‬‬ ‫أما هتريب الطائرة فهو أقل خطرا لكنه أكثر كلفة‪ ،‬حيث موضحا أن حالته فوق اجليدة لكنه يشعر بالغربة بانتظار أن‬ ‫تروي أماين املوجودة اآلن هي وعائلتها يف السويد أن تتحسن األمور يف سوريا ويعود سريعا‪.‬‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني و األربعون‬


‫ملف العدد‬

‫أربعة ماليين سوري سيهربون من الحرب في عام ‪2014‬‬ ‫ترمجة‪ :‬يزدان شري‬ ‫حسب تقديرات األمم املتحدة يف وثيقة نشرهتا عرب وسائل‬ ‫اإلعالم املختلفة فإن أكثر من أربعة ماليني سورياً سيهربون‬ ‫من احلرب يف الداخل السوري خالل عام ‪،2014‬‬ ‫واستطاعت وكالة فرانس برس من احلصول على معلومات‬ ‫تأكد هذه األرقام من األمم املتحدة‪ .‬إن هذا الرقم هو‬ ‫بالتحديد ‪ 4.25‬مليونا بينهم ‪ 2‬مليون الجئ منذ بداية‬ ‫الصراع يف آذار عام ‪ ،2011‬باإلضافة إىل ‪ 2.25‬مليون‬ ‫مهجر داخل البالد‪ .‬وقد أكد مكتب تنسيق الشؤون وحبسب تقديرات األمم املتحدة فإن أكثر من ‪ 8.3‬مليون إن أغلب الالجئني يف الوقت الراهن يتواجدون يف دول‬ ‫االجتماعية خالل إحدى اجتماعاته أن السيناريو األكثر سورياً سيكونون حباجة ملساعدات إنسانية يف العام املقبل اجلوار اليت ال تتوقف عن طلب املساعدة من اجملتمع الدويل‬ ‫رجحاناً بالنسبة لعام ‪ 2014‬هو تصعيد النزاع واالضطراب بزيادة قدرها ‪ %37‬عن هذا العام‪ ،‬ومن بني الـ ‪ 8.3‬مليون ملساعدهتم يف التعامل مع التدفق الكبري لالجئني‪.‬‬ ‫يف اخلدمات اإلنسانية وتآكل آليات التعامل واليت ستهدد سيكون هناك ‪ 6.5‬مليون نازحاً داخلياً بزيادة قدرها ‪ %54‬إن اجلهود الرامية إىل التوحيد قد فشلت حىت اآلن ألن‬ ‫بشكل أكرب العاملني يف اجملال اإلنساين‪.‬‬ ‫عن هذا العام‪ .‬وقدر عدد السكان يف سوريا قبل بداية حمركي الصراع األساسيني على األرض مصرون على مواصلة‬

‫الصراع بأكثر من ‪ 20‬مليون نسمة‪ .‬وأكد آدريان إدواردز القتال‪ ،‬حيث حياول اجملتمع الدويل عقد مؤمتر للسالم بغية‬ ‫املتحدث باسم املفوضية العليا لشؤون الالجئني يف األمم‬ ‫إهناء الصراع الذي أسفر حىت اآلن عن مقتل ‪ 115‬ألفاً‬ ‫املتحدة لوكالة فرانس برس أن هذه األرقام ليست هنائية‬ ‫حبسب املرصد السوري حلقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫بالنسبة لعام ‪ 2014‬ألنه ال يزال هناك شهران على هناية‬ ‫وكالة فرانس برس‬ ‫عام ‪.2013‬‬

‫سوق "السنَّ ة" حقيقة وليست خيال (تتمة)‬ ‫املضحك املبكي‬

‫تروي ابتسام وهي من احدى القرى املؤيدة للنظام‪ ،‬قصة‬ ‫جدهتا اليت تكلمت مع ابنها الذي احتفظوا به باخلدمة‬ ‫العسكرية مدة عام كامل‪ ،‬طلبت منه ان يايت لزيارهتا‪ ،‬فقال‬ ‫هلا اهنم ال يعطونين اجازة‪ ،‬فقالت له‪ ":‬اختيبء يف براد او‬ ‫غسالة وستصبح عندنا يف ظرف ساعة"‪ .‬يف اشارة لسرعة‬ ‫وصول املنهوبات اىل تلك القرى‪.‬‬ ‫تقول "من املضحك املبكي" أن ترى يف منزلك أغراض‬ ‫لغريك تركها ألنه مضطر ليجدها مسروقة‪ ،‬مبينة‪ ،‬أن العديد‬ ‫من أرباب العائالت دفعوا "دماء قلبهم" ليكسو منازهلم‬ ‫ويشرتوا أغراضها‪ ،‬ليعودوا وال جيدون شيئا منها‪.‬‬

‫ال تستفيد كغريك"‪ ،‬وعندما يرد عليهم بأنه مكتف وال‬ ‫يستطيع أخذ ممتلكات غريه‪ ،‬جييبوه بأن هذه املمتلكات‬ ‫هي غنائم حرب ألشخاص حياربون الدولة‪.‬‬ ‫تقول رهف أيب يرفض أن يدخل شيء مسروق إىل املنزل‬ ‫على مستوى "مصاصة املتة"‪ ،‬ويقول لنا دائما "احلمد اهلل‬ ‫أنين موجود يف مكان أجلس فيه على مكتيب ومل اضطر حىت‬ ‫اآلن أن أرفع سالحي يف وجه أحدـ وعندما اضطر سأستقيل"‪.‬‬

‫كما بينت زوجة مصطفى وهو عسكري يداوم على‬ ‫حاجز‪ ،‬أن زوجها ال يقبل بأخذ أي شيء من املنازل اليت‬ ‫ُه ّجر سكاهنا‪ ،‬حىت أنه يثري استياء أصدقائه‪ ،‬مشرية إىل أنه‬ ‫يف إحدى املرات "مزحوا معه بعد أن قدموا له كأس شاي‪،‬‬ ‫وبعد أن شرب منه‪ ،‬قالوا له إهنم أخذوا الكأس من منزل‬ ‫مهجور‪ ،‬فقام برميه يف وجههم"‪.‬‬

‫منهم من ال يسرق‬

‫تقول رهف‪ ،‬أن أصدقاء أبيها الضباط يسألونه دائما "ملاذا‬ ‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني واألربعون‬

‫‪11‬‬


‫األخرية‬

‫بأقدام ُ‬ ‫َّ‬ ‫"الثورةُ‬ ‫رطي الب َلد َّيةِ "‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬

‫هبزاد حاج محو‬

‫شرطي بلديَّة عامودا‪,‬‬ ‫التقيت فيها بـ "حمو"‬ ‫مرة‬ ‫((آخر َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫بأقل من شهر‪,‬‬ ‫كانت على باب منزله‪ ,‬قبل انطالق الثَّورة َّ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫كنت‬ ‫وأنا‬ ‫ُ‬ ‫أحاول رشوته بألف لرية‪ ,‬أُمسكها بقبضيت اليت ُ‬

‫العَرق‪.‬‬ ‫أخفيها يف جيب بنطايل حىت‬ ‫كادت َّ‬ ‫ْ‬ ‫تتمزق من َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يغض الطَّرف عن غرفة صغرية تسعى أخيت‬ ‫"راجياً" أن َّ‬ ‫داخل فناء دا ِرها‪ .‬باعتباره كان املكلَّف من البلديَّة‬ ‫لبنائها َ‬ ‫املعمرة‪ِ ,‬خالفاً للقانون ‪ /49/‬القاضي‬ ‫حينها‪ ,‬هبدم البيوت َّ‬ ‫مبنع التَّعمري يف عدَّة مناطق من ضمنها حمافظة احلسكة‪َّ ,‬إل‬ ‫ٍ‬ ‫ترخيص من رئاسة الوزراء (حىت على رؤوس قاطنيها‬ ‫مبوجب‬

‫سينشق‬ ‫األمنيي يف املدينة ‪ -‬والَّذي‬ ‫ بتعب ِري أحد املسئولني‬‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫فيما بعد عن النِّظام احتجاجاً على ممارساته الوحشيَّة حبق‬

‫ِ‬ ‫موقعه أمام رعونة‬ ‫املؤدي إىل يتباكى على افتقاره لألدوات وضآلة‬ ‫نتبادل األدوار على طول الطَّريق ِّ‬ ‫كنت وصديقي ُ‬ ‫ُ‬ ‫منزل "حمو"‪ ,‬يف حماولة الستحضار َّ‬ ‫الرمسية‪ .‬مث دعاين بلباقة اإلله الذي ميتحن حمبَّة عباده‬ ‫ردات فعله املتوقَّعة على األوامر َّ‬ ‫ِ‬ ‫عرضنا‪ .‬عندما وص ْلنا‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫وقفت أمام حمو‪ ,‬بعد أن دامهتين املؤمنني بالبالء‪ ,‬لتناول الغداء معه‪.‬‬ ‫متوسالً أن ال َّ‬ ‫ضآلة كربى‪ِّ ,‬‬ ‫يردين خائباً ِّ‬ ‫يغلق باب داره أمام أمنييت‬ ‫ويلب رجائي‪ ,‬بينما كان‬ ‫ُّ‬ ‫شرطي البلديَّة حمو ُ‬ ‫متسول يستجدي عطف املصلِّني اخلارجني‬ ‫ِّ‬ ‫متقمصاً دور ِّ‬ ‫الصغرية‪ ,‬كانت أبواب "الثَّورة" تتفتَّح‪ .‬وبينما كانت قدمه‬ ‫َّ‬ ‫من املسجد‪َ ..‬رم َقين حمو بنظرة املعتاد على ضيوف من‬ ‫تتنقَّل خراباً بني البيوت الطِّينيَّة‪ ,‬املخالفة يف عامودا‪ ,‬كانت‬ ‫شاكليت يومياً ُمذ أن كلَّفته البلديَّة خبارطة التَّعمري على‬ ‫وقع ٍ‬ ‫تقتحم اجلغرافيَّة املخالفة للخرائط‪ .‬كيف‬ ‫أخرى‬ ‫أقدام‬ ‫ُ‬ ‫األرض و َّ‬ ‫ُ‬ ‫السماء‪.‬‬ ‫كأنا ملَّ َكتهُ مفاتيح َّ‬ ‫احلاد يف أرواحنا ؟ كيف‬ ‫حدث هذا االنقالب‬ ‫ردين حمو خائباً‪ ,‬بعبارات خمتصرة‪ ,‬ترتاوح بني التهديد ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫املناخي ُ‬ ‫برفسة‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫مستجدي رمحة حمو إىل قضاة حنكم على سيِّده‬ ‫من رجله اليمىن ستقضي على اجلِّدار املبين خالفاً ملرسوم انقلَبنا من‬ ‫ْ‬ ‫الرئيس باإلعدام؟ األمر يستحق التَّفكري))‪.‬‬ ‫الرئيس‪ ,‬وبني استحضا ٍر إلرث الكردي‪ ,‬حني َّ‬ ‫سيِّده َّ‬

‫جل املنشقني عبءٌ على الثورة‪ ,‬دافع املنشق‬ ‫األهايل)‪ُّ .‬‬ ‫لالخنراط يف احلراك ليس مناصرة املدنيني كما جياهر‪ ,‬بل هو‬ ‫األحق واألجدر ِ‬ ‫حبمل لواء إيديولوجيَّة النِّظام‪/‬‬ ‫ِّادعاء بأنه‬ ‫َّ‬ ‫السلطة‬ ‫البعث‪ ,‬من النِّظام نفسه‪ِّ .‬‬ ‫الصراع بني املنشق و ُّ‬ ‫حياول‬ ‫أعمق و‪/‬أو أكثر سطحيَّة مما يظنّه البعض‪ ,‬إنَّه صراعٌ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫حرب على عباءة‬ ‫كل طرف َ‬ ‫إثبات مركزيَّته ودميوميَّته‪ ,‬إهنا ٌ‬ ‫ّ‬ ‫اإليديولوجية‪ ,‬نزاعٌ بني األصل والفرع على األصالة‪ ,‬وحيازة‬ ‫السر املقدَّس‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫‪12‬‬

‫‪ 29‬تشرين األول ‪ / 2013‬العدد الثاني و األربعون‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.